الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّمَآ أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيۡـًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (82)

{ إِنَّمَا أَمْرُهُ } إنما شأنه { إِذَا أَرَادَ شَيْئاً } إذا دعاه داعي حكمة إلى تكوينه ولا صارف { أَن يَقُولَ لَهُ كُن } أن يكونه من غير توقف { فَيَكُونُ } فيحدث ، أي : فهو كائن موجود لا محالة .

فإن قلت : ما حقيقة قوله : { أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } ؟ قلت : هو مجاز من الكلام وتمثيل ، لأنه لا يمتنع عليه شيء من المكونات ، وأنه بمنزلة المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع .

فإن قلت : فما وجه القراءتين في فيكون ؟ قلت : أما الرفع فلأنها جملة من مبتدأ وخبر ؛ لأن تقديرها : فهو يكون ، معطوفة على مثلها ، وهي أمره أن يقول له كن . وأما النصب فللعطف على يقول ، والمعنى : أنه لا يجوز عليه شيء مما يجوز على الأجسام إذا فعلت شيئاً مما تقدر عليه ، من المباشرة بمحال القدرة ، واستعمال الآلات ، وما يتبع ذلك من المشقة والتعب واللغوب إنما أمره وهو القادر العالم لذاته أن يخلص داعيه إلى الفعل ، فيتكون فمثله كيف يعجز عن مقدور حتى يعجز عن الإعادة ؟