تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

فلم تحصل منهم المرتبة الأولى ولا الثانية بل لم يزالو متمردين عاتين على الله محاربين لنبيه موسى عليه السلام غير ممكنين له من قومه بني إسرائيل . { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ } أي : قد أجرموا جرما يوجب تعجيل العقوبة .

فأخبر عليه السلام بحالهم وهذا دعاء بالحال التي هي أبلغ من المقال ، كما قال عن نفسه عليه السلام { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

ولكن الإِرشادات الحكيمة من موسى لفرعون وقومه ، لم تجد أذنا صاغية ، فإن الطغيان فى كل زمان ومكان ، لا يعجبه منطق الحق والعدل والمسالمة ، ولكن الذى يعجبه هو التكبر فى الأرض بغير الحق ، وإيثار الغى على الرشد . .

ولذا نجد موسى - عليه السلام - يلجأ إلى ربه يطلب منه العون والنصرة فيقول - كما حكى القرآن عنه - : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هؤلاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } .

والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف ، يفهم من السياق ، والتقدير : وبعد أن أمر موسى فرعون وقومه بإخلاص العبادة لله - تعالى - ونهاهم عن الإِشراك به . . بعد كل ذلك أصروا على تكذيبه ، وأعرضوا عن دعوته ، وآذوه بشتى ألوان الأذى فدعا ربه دعاء حارا قال فيه : يا رب إن هؤلاء القوم - وهم فرعون وشيعته - قوم راسون فى الكفر والإِجرام ، فأنزل بهم عقابك الذى يستحقونه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

فلما طال مقامه بين أظهرهم ، وأقام حجج الله عليهم ، كل ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرًا وعنادًا ، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم ، كما قال تعالى : { وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا } [ يونس : 88 ، 89 ] . وهكذا قال هاهنا : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ مُّجۡرِمُونَ} (22)

التعقيب المفاد بالفاء تعقيب على محذوف يقتضي هذا الدعاءَ إذ ليس في المذكور قبل الفاء ما يناسبه التعقيبُ بهذا الدعاء إذ المذكور قبله كلام من موسى إليهم ، فالتقدير : فَلَمْ يستجيبوا له فيما أمرهم ، أو فأصرّوا على أذاه وعدم متاركته فدعا ربه ، وهذا التقرير الثاني أليق بقوله : { أن هؤلاء قوم مجرمون } . وهذا كالتعقيب الذي في قوله تعالى : { فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق } [ الشعراء : 63 ] ، وقوله : { أن هؤلاء قوم مجرمون } اتفق القراء العشرة على قراءته بفتح الهمزة وشد النون فما بعدها في قوة المصدر ، فلذلك تقدر الباء التي يتعدّى بها فعل ( دَعا ) ، أي دعا ربه بما يجمعه هذا التركيبُ المستعمل في التعريض بأنهم استوجبوا تسليط العقاب الذي يَدعو به الداعي ، فالإخبار عن كونهم قوماً مجرمين مستعمل في طلب المجازاة على الإجرام أو في الشكاية من اعتدائهم ، أو في التخوف من شرهم إذا استمرّوا على عدم تسريح بني إسرائيل ، وكل ذلك يقتضي الدعاء لكف شرّهم ، فلذلك أطلق على هذا الخبر فعل { دعا } .