والتعريف في { المأوى } الأول والثاني تعريف العهد ، أي مأوَى من طغى ، ومأوى من خَاف مقام ربه ، وهو تعريف مُغْننٍ عن ذكر ما يضاف إليه { مأوى } ومثله شائع في الكلام كما في قوله : غُضَّ الطرف{[445]} ، أي الطرف المعهود من الأمر ، أي غض طرفك . وقوله : واملأ السمعَ ، أي سمعك{[446]} وقوله تعالى : { وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال } [ الأعراف : 46 ] ، أي على أعراف الحجاب ، ولذلك فتقدير الكلام عند نحاة البصرة المأوى له أو مأواه عند نحاة الكوفة ، ويسمي نحاة الكوفة الألف واللام هذه عوضاً عن المضاف إليه وهي تسمية حسنة لوضوحها واختصارها ، ويأبى ذلك البصريون ، وهو خلاف ضئيل ، إذ المعنى متفق عليه .
والمأوى : اسم مكان من أوَى ، إذا رجع ، فالمراد به : المقر والمسكن لأن المرء يذهب إلى قضاء شؤونه ثم يرجع إلى مسكنه .
و { مقام ربه } مجاز عن الجلال والمهابة وأصل المقام مكان القيام فكان أصله مكان ما يضاف هو إليه ، ثم شاع إطلاقه على نفس ما يضاف إليه على طريقة الكناية بتعظيم المكان عن تعظيم صاحبه ، مثل ألفاظ : جناب ، وكَنَفَ ، وذَرَى ، قال تعالى : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } [ الرحمن : 46 ] وقال : { ذلك لمن خاف مقامي } [ إبراهيم : 14 ] وذلك من قبيل الكناية المطلوب بها نسبة إلى المكنى عنه فإن خوف مقام الله مراد به خوف الله والمراد بالنسبة ما يَشمل التعلق بالمفعول .
وفي قوله : { يوم يتذكر الإنسان ما سعى } إلى قوله : { فإن الجنة هي المأوى } محسن الجمع مع التقسيم .
وتعريف { النفس } في قوله : { ونهى النفس } هو مثل التعريف في { المأوى } .
وفي تعريف « أصحاب الجحيم » و« أصحاب الجنة » بطريق الموصول إيماء إلى أن الصلتين عِلتان في استحقاق ذلك المأوى .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 40]
وقوله:"وأمّا مَنْ حافَ مَقامَ رَبّهِ ونَهَى النّفْسَ عَنِ الهَوَى "يقول: وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه "ونَهَى النّفْسَ عَنِ الهَوَى" يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه "فإنّ الجَنّةَ هِيَ المَأْوَى" يقول: فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{فإن الجنة} أي البستان الجامع لكل ما يشتهي {هي} أي خاصة {المأوى} أي له، لا يأوي إلى غيرها، وهذا حال المراقبين...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والتعريف في {المأوى} الأول والثاني تعريف العهد، أي مأوَى من طغى، ومأوى من خَاف مقام ربه، وهو تعريف مُغْنٍ عن ذكر ما يضاف إليه {مأوى} ومثله شائع في الكلام كما في قوله: غُضَّ الطرف، أي الطرف المعهود من الأمر، أي غض طرفك. وقوله: واملأ السمعَ، أي سمعك...
والمأوى: اسم مكان من أوَى، إذا رجع، فالمراد به: المقر والمسكن لأن المرء يذهب إلى قضاء شؤونه ثم يرجع إلى مسكنه. و {مقام ربه} مجاز عن الجلال والمهابة وأصل المقام مكان القيام فكان أصله مكان ما يضاف هو إليه، ثم شاع إطلاقه على نفس ما يضاف إليه على طريقة الكناية بتعظيم المكان عن تعظيم صاحبه...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.