تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ} (87)

{ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } أي : بالتوبيخ على بعض الذنوب ، والعقوبة عليها والفضيحة ، بل أسعدني في ذلك اليوم الذي { لا يَنْفَعُ } فيه { مَالٌ وَلا بَنُونَ

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ} (87)

{ وَلاَ تُخْزِنِي } أى : ولا تفضحنى { يَوْمَ يُبْعَثُونَ } أى : يوم تبعث عبادك فى الآخرة للحساب ، بل استرنى واجبرنى وتجاوز عن تقصيرى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ} (87)

وقوله : { وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } أي : أجرني من الخزي يوم القيامة و[ يوم ]{[21763]} يبعث الخلائق أولهم وآخرهم .

قال البخاري في قوله : { وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } وقال إبراهيم بن طهمان ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغَبَرَةُ والقَتَرَةُ " {[21764]} .

حدثنا إسماعيل ، حدثنا أخي ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يلقى إبراهيم أباه ، فيقول : يا رب ، إنك وعدتني أنك لا تخزيني{[21765]} يوم يبعثون . فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين " .

هكذا رواه عند هذه الآية{[21766]} . وفي أحاديث الأنبياء بهذا الإسناد بعينه منفردا به ، ولفظه : يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قَتَرَةٌ وغَبَرة ، فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك : لا تعصني{[21767]} فيقول أبوه{[21768]} : فاليوم لا أعصيك . فيقول إبراهيم : يا رب ، إنك وعدتني ألا تخزيني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقول الله تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين . ثم يُقال : يا إبراهيم ، ما تحت رجليك ؟ فينظر فإذا هو بذبح متلطخ ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار{[21769]} .

وقال أبو عبد الرحمن النسائي في التفسير من سننه الكبير قوله : { وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ } : أخبرنا أحمد بن حفص{[21770]} بن عبد الله ، حدَّثني أبي ، حدثني إبراهيم بن طَهْمَان ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبرِي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغَبَرة والقَتَرة ، وقال{[21771]} له : قد نهيتك عن هذا فعصيتني . قال : لكني اليوم لا أعصيك واحدة . قال : يا رب ، وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون ، فإن{[21772]} أخزيت أباه فقد أخزيت الأبعد . قال : يا إبراهيم ، إني{[21773]} حرمتها على الكافرين . فأخذ منه ، قال : يا إبراهيم ، أين أبوك ؟ قال : أنت أخذته مني . قال : انظر أسفل منك . فنظر{[21774]} فإذا ذيخ يتمرغ {[21775]} في نتنه ، فأخذ بقوائمه فألقي في النار{[21776]} .

هذا إسناد{[21777]} غريب ، وفيه نكارة .

والذيخ{[21778]} : هو الذكر من الضباع ، كأنه حول آزر إلى صورة ذيخ متلطخ بعذرته{[21779]} ، فيلقى في النار كذلك .

وقد رواه البزار من حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هُرَيرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه غرابة . ورواه أيضًا من حديث قتادة ، عن جعفر بن عبد الغافر ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .


[21763]:- زيادة من ف ، أ.
[21764]:- صحيح البخاري برقم (4768).
[21765]:- في ف ، أ : "أن لا تخزني".
[21766]:- صحيح البخاري برقم (4769) ولفظه : "وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون".
[21767]:- في ف : "لا تعصيني".
[21768]:- في ف : "أباه" وهو خطأ.
[21769]:- صحيح البخاري برقم (3350).
[21770]:- في ف : "جعفر".
[21771]:- في ف : "فقال".
[21772]:- في أ : "فأي".
[21773]:- في أ : "فإني".
[21774]:- في ف ، أ : "فينظر".
[21775]:- في ف : "متمرغ".
[21776]:- النسائي في السنن الكبرى برقم (11375).
[21777]:- في ف : "سياق".
[21778]:- في أ : "والذابح".
[21779]:- في أ : "بقذرته".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ} (87)

و قوله : وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يقول : ولا تُذِلّني بعقابك إياي يوم تبعث عبادك من قبورهم لموقف القيامة يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ يقول : لا تخزني يوم لا ينفع من كفر بك وعصاك في الدنيا مالٌ كان له في الدنيا ، ولا بنوه الذين كانوا له فيها ، فيدفع ذلك عنه عقاب الله إذا عاقبه ، ولا ينجيه منه . وقوله : إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْب سَلِيمٍ يقول : ولا تخزني يوم يبعثون ، يوم لا ينفع إلا القلب السليم .

والذي عني به من سلامة القلب في هذا الموضع : هو سلام القلب من الشكّ في توحيد الله ، والبعث بعد الممات . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن عون ، قال : قلت لمحمد : ما القلب السليم ؟ قال : أن يعلم أن الله حقّ ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من في القبور .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : لا شكّ فيه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْب سَلِيمٍ قال : ليس فيه شكّ في الحقّ .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : سليم من الشرك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : سليم من الشرك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد .

حدثني عمرو بن عبد الحميد الاَمُلي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن جُوَبير ، عن الضحاك ، في قول الله إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : هو الخالص .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ} (87)

{ ولا تخزني } بمعاتبتي على ما فرطت ، أو بنقص رتبتي عن رتبة بعض الوارث ، أو بتعذيبي لخفاء العاقبة وجواز التعذيب عقلا ، أو بتعذيب والدي ، أو ببعثه في عداد الضالين وهو من الخزي بمعنى الهوان ، أو من الخزاية بمعنى الحياء . { يوم يبعثون } الضمير للعباد لأنهم معلومون أو ل{ الضالين } .

   
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ} (87)

وسأل المغفرة لأبيه قبل سؤال أن لا يخزيه الله يوم القيامة لأنه أراد أن لا يلحقه يومئذ شيء ينكسر منه خاطره وقد اجتهد في العمل المبلغ لذلك واستعان الله على ذلك وما بقيت له حزازة إلا حزازة كفر أبيه فسأل المغفرة له لأنه إذا جيء بأبيه مع الضالين لحقه انكسار ولو كان قد استجيب له بقية دعواته ، فكان هذا آخر شيء تخوف منه لحاق مهانة نفسية من جهة أصله لا من جهة ذاته . و في الحديث أنه يؤتي بأبي إبراهيم يوم القيامة في صورة ذيح { أي ضبع ذكر } فيلقى في النار فلا يشعر به أهل الموقف فذلك إجابة قوله { ولا تخزني يوم يبعثون } أي قطعا لما فيه شائبة الخزي .

وتقدم الكلام على معنى الخزي عند تفسير قوله تعالى { إلا خزي في الحياة الدنيا } في سورة البقرة ، وقوله { إنك من تدخل النار فقد أخزيته } في آل عمران .

وضمير { يبعثون } راجع إلى العباد المعلوم من المقام .