تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَا يَهۡدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (104)

{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ } ، الدالة دلالة صريحة على الحق المبين فيردونها ولا يقبلونها ، { لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ } ، حيث جاءهم الهدى فردوه ، فعوقبوا بحرمانه وخذلان الله لهم . { وَلَهُمْ } في الآخرة { عَذَابٌ أَلِيمٌ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَا يَهۡدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (104)

ثم هدد - سبحانه - المعرضين عن آياته بقوله : { إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله } الدالة على وحدانيته - سبحانه - ، وعلى صدق نبيه صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عنه . { لاَ يَهْدِيهِمُ الله } إلى طريق الحق في الدنيا ، بسبب زيغهم وعنادهم وإيثارهم الغي على الرشد . { ولهم } في الآخرة عذاب أليم جزاء إصرارهم على الباطل ، وإعراضهم عن الآيات التي لو تأملوها واستجابوا لها لاهتدوا إلى الصراط المستقيم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَا يَهۡدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (104)

90

ويعلل القرآن هذه المقولة الضالة فيقول :

( إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم ) .

فهؤلاء الذين لا يؤمنوا بآيات الله لم يهدهم الله إلى الحقيقة في أمر هذا الكتاب ، ولا يهديهم إلى الحقيقة في شيء ما . بكفرهم وإعراضهم عن الآيات المؤدية إلى الهدى " ولهم عذاب أليم " بعد ذلك الضلال المقيم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَا يَهۡدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (104)

جملة معترضة . وورود هذه الآية عقب ذكر اختلاق المتقعّرين على القرآن المرجفين بالقالة فيه بين الدهماء يومىء إلى أن المراد بالذين لا يؤمنون هم أولئك المردود عليهم آنفاً . وهم فريق معلوم بشدة العداوة للنبيء صلى الله عليه وسلم وبالتصلّب في التصدّي لصرف الناس عنه بحيث بلغوا من الكفر غايةً ما وراءها غايةٌ ، فحقّت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون ، فهؤلاء فريق غير معيّن يومئذٍ ولكنهم مشار إليهم على وجه الإجمال ، وتكشف عن تعيينهم عواقب أحوالهم .

فقد كان من الكافرين بالنبي صلى الله عليه وسلم أبو جهل وأبو سفيان . وكان أبو سفيان أطولَ مدة في الكفر من أبي جهل ؛ ولكن أبا جهل كان يخلط كفره بأذَى النبي صلى الله عليه وسلم والحنقِ عليه . وكان أبو سفيان مقتصراً على الانتصار لدينه ولقومه ودفْع المسلمين عن أن يغلبوهم فحرم الله أبا جهل الهداية فأهلكه كافراً ، وهدى أبا سفيان فأصبح من خيرة المؤمنين ، وتشرف بصهر النبي صلى الله عليه وسلم وكان الوليد بن المغيرة وعمر بن الخطاب كافرين وكان كلاهما يدفع الناس من اتّباع الإسلام ، ولكن الوليد كان يختلق المعاذير والمطاعن في القرآن وذلك من الكيد ، وعمر كان يصرف الناس بالغلظة علناً دون اختلاق ، فحرم الله الوليد بن المغيرة الاهتداء ، وهدى عمر إلى الإسلام فأصبح الإسلام به عزيز الجانب . فتبيّن الناس أن الوليد من الذين لا يؤمنون بآيات الله ، وأن عمر ليس منهم ، وقد كانا معاً كافرين في زمن ما . ويشير إلى هذا المعنى الذي ذكرناه قوله تعالى : { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } [ سورة الزمر : 3 ] فوَصف من لا يهديه الله بوصفين الكذب وشدة الكفر .

فتبيّن أن معنى قوله تعالى : { الذين لا يؤمنون بآيات الله } من كان الإيمان منافياً لجبِلّة طبعهِ لا لأميال هواه . وهذا يعلم الله أنه لا يؤمن وأنه ليس معرّضاً للإيمان ، فلذلك لا يهديه الله ، أي لا يكوّن الهداية في قلبه .

وهذا الأسلوب عكس أسلوب قوله تعالى : { إن الذين حقّت عليهم كلمات ربّك لا يؤمنون } [ سورة يونس : 96 ] ، وكل يرمي إلى معنى عظيم .

فموقع هذه الجملة من التي قبلها موقع التعليل لجميع أقوالهم المحكيّة والتذييل لخلاصة أحوالهم ، ولذلك فصلت بدون عطف .

وعطْفُ { ولهم عذاب أليم } على { لا يهديهم } للدّلالة على حرمانهم من الخير وإلقائهم في الشرّ لأنهم إذا حُرموا الهداية فقد وقعوا في الضلالة ، وماذا بعد الحقّ إلا الضلال ، وهذا كقوله تعالى : { كتب عليه أنه من تولّاه فأنه يضلّه ويهديه إلى عذاب السعير } [ سورة الحج : 4 ] . ويشمل العذاب عذاب الدنيا وهو عذاب القتل مثل ما أصاب أبا جهل يوم بدر من ألم الجراح وهو في سكرات الموت ، ثم من إهانة الإجهاز عليه عقب ذلك .