تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ} (55)

{ قَالُوا ْ } على وجه الاستغراب لقوله ، والاستعظام لما قال ، وكيف بادأهم بتسفيههم ، وتسفيه آبائهم : { أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ْ } أي : هذا القول الذي قلته ، والذي جئتنا به ، هل هو حق وجد ؟ أم كلامك لنا ، كلام لاعب مستهزئ ، لا يدري ما يقول ؟ وهذا الذي أرادوا ، وإنما رددوا الكلام بين الأمرين ، لأنهم نزلوه منزلة المتقرر المعلوم عند كل أحد ، أن الكلام الذي جاء به إبراهيم ، كلام سفيه لا يعقل ما يقول ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ} (55)

وعندما واجههم إبراهيم - عليه السلام - بهذا الحكم البين الصريح ، قالوا له : { أَجِئْتَنَا بالحق أَمْ أَنتَ مِنَ اللاعبين } .

أى : أجئتنا يا إبراهيم بالحق الذى يجب علينا اتباعه ، أم أنت من اللاعبين اللاهين الذين يقولون ما يقولون بقصد الهزل والملاعبة .

وسؤالهم هذا يدل على تزعزع عقيدتهم . وشكهم فيما هم عليه من باطل ، إلا أن التقليد لآبائهم . جعلهم يعطلون عقولهم " ويستحبون العمى على الهدى " .

ويجوز أن يكون سؤالهم هذا من باب الإنكار عليه . واستبعاد أن يكون آباؤهم على باطل ، وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله : " بقوا متعجبين من تضليله إياهم ، وحسبوا أن ما قاله ، إنما قاله على وجه المزاح والمداعبة ، لا على طريق الجد ، فقالوا له : هذا الذى جئتنا به ، أهو جد وحق أم لعب وهزل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ} (55)

48

وعندما واجههم إبراهيم بهذه الطلاقة في التقدير ، وبهذه الصراحة في الحكم ، راحوا يسألون :

( قالوا : أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ? ) . .

وهو سؤال المزعزع العقيدة ، الذي لا يطمئن إلى ما هو عليه ، لأنه لم يتدبره ولم يتحقق منه . ولكنه كذلك معطل الفكر والروح بتأثير الوهم والتقليد . فهو لا يدري أي الأقوال حق . والعبادة تقوم على اليقين لا على الوهم المزعزع الذي لا يستند إلى دليل ! وهذا هو التيه الذي يخبط فيه من لا يدينون بعقيدة التوحيد الناصعة الواضحة المستقيمة في العقل والضمير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ} (55)

فلما سفه أحلامهم ، وضلل آباءهم ، واحتقر آلهتهم { قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاعِبِينَ } يقولون{[19668]} : هذا الكلام الصادر عنك تقوله لاعبًا أو محقًا فيه ؟ فإنا لم نسمع به قبلك .


[19668]:- في ف : "يقول".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ} (55)

قالُوا أجِئْتَنا بالحَقّ ؟ يقول : قال أبوه وقومه له : أجئتنا بالحقّ فيما تقول أمْ أنْتَ هازل لاعب مِنَ اللاّعِبِينَ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ} (55)

ولإنكارهم أن يكون ما عليه آباؤهم ضلالاً ، وإيقانِهم أن آباءهم على الحق ، شَكُّوا في حال إبراهيم أنطَق عن جِد منه وأن ذلك اعتقاده فقالوا { أجئتنا بالحق } ، فعبروا عنه { بالحق } المقابل للعب وذلك مسمى الجِدّ . فالمعنى : بالحق في اعتقادك أم أردت به المزح ، فاستفهموا وسألوه { أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين } . والباء للمصاحبة . والمراد باللعب هنا لعب القول وهو المسمّى مزحاً ، وأرادوا بتأويل كلامه بالمزج التلطّفَ معه وتجنبَ نسبته إلى الباطل استجلاباً لخاطره لما رأوا من قوة حجته .

وعُدل عن الإخبار عنه بوصف لاعب إلى الإخبار بأنه من زمرة اللاعبين مبالغة في توغل كلامه ذلك في باب المزح بحيث يكون قائله متمكناً في اللعب ومعدوداً من الفريق الموصوف باللعب .

وجاء هو في جوابهم بالإضراب عن قولهم { أم أنت من اللاعبين } لإبطال أن يكون من اللاعبين ، وإثبات أن ربهم هو الرب الذي خلق السماوات ، أي وليست تلك التماثيل أرباباً إذ لا نزاع في أنها لم تخلق السماوات والأرض بل هي مصنوعة منحوتة من الحجارة كما في الآية الأخرى { قال أتعبدون ما تنحتون } [ الصافات : 95 ] فلما شذّ عنها خلق السماوات والأرض كما هو غير منكَر منكم فهي منحوتة من أجزاء الأرض فما هي إلاّ مربوبة مخلوقة وليست أرباباً ولا خالقة . t فضمير الجمع في قوله تعالى { فطرهنّ } ضمير السماوات والأرض لا محالة .

فكان جواب إبراهيم إبطالاً لقولهم { أم أنت من اللاعبين } معَ مستند الإبطال بإقامة الدليل على أنه جاءهم بالحق . وليس فيه طريقة الأسلوب الحكيم كما ظنه الطيبي .