{ وَاتَّبَعَ } أيها الرسول { مَا يُوحَى إِلَيْكَ } علمًا ، وعملاً ، وحالاً ، ودعوة إليه ، { وَاصْبِرْ } على ذلك ، فإن هذا أعلى أنواع الصبر ، وإن عاقبته حميدة ، فلا تكسل ، ولا تضجر ، بل دم على ذلك ، واثبت ، { حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ } بينك وبين من كذبك { وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } فإن حكمه ، مشتمل على العدل التام ، والقسط الذي يحمد عليه .
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، وثبت على الصراط المستقيم ، حتى أظهر الله دينه على سائر الأديان ، ونصره على أعدائه بالسيف والسنان ، بعد ما نصره [ الله ] عليهم ، بالحجة والبرهان ، فلله الحمد ، والثناء الحسن ، كما ينبغي لجلاله ، وعظمته ، وكماله وسعة إحسانه .
ثم أمره - سبحانه - باتباع ما أوحاه إليه فقال : { واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ واصبر حتى يَحْكُمَ الله وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين } .
أى : { واتبع } - أيها الرسول الكريم - في جميع شئونك { مَا يوحى إِلَيْكَ } من ربك من تشريعات حكيمة ، وآداب قويمة . .
{ واصبر } على مشاق الدعوة وتكاليفها . . .
{ حتى يَحْكُمَ الله } بينك وبين قومك ، { وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين } . لنه هو العليم بالظواهر والبواطن ، وهو الذي لا معقب لحكمه .
وبعد : فهذه هي سورة يونس - عليه السلام - رأينا ونحن نفسرها كيف أقامت الأدلة على وحدانية الله - عز وجل - وعلى كمال قدرته ، وشمول علمه ، ونفاذ إرادته ، وسعة رحمته ، وسمو عزته . .
وكيف أنها أقامت الأدلة - أيضاً - على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن ربه ، وعلى أن هذا القرآن من عنده - سبحانه .
وكيف أنها ساقت الأدلة على أن يوم القيامة حق ، وعلى أحوال الناس فيه ، مما يرقق القلوب القاسية ، ويبعث في النفوس الخشية وحسن الاستعداد لهذا اليوم الهائل الشديد ، وكيف أنها ساقت جانبا من أحوال بعض الأنبياء مع أممهم ، وقررت سنة من سنن الله التي لا تتخلف ، وهى نجاة رسل الله والمؤمنين بهم ، وجعل الرجس على الذين لا يعقلون .
وكيف أنها بينت أحوال الناس في السراء والضراء . . . بيانا صادقا قوياً مؤثراً ، من شأنه أن يحملهم على التحلى بالأخلاق الكريمة والتخلى عن الأخلاق الذميمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.