تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَزِدۡهُمۡ دُعَآءِيٓ إِلَّا فِرَارٗا} (6)

{ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا } أي : نفورا عن الحق وإعراضا ، فلم يبق لذلك فائدة ، لأن فائدة الدعوة أن يحصل جميع المقصود أو بعضه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَزِدۡهُمۡ دُعَآءِيٓ إِلَّا فِرَارٗا} (6)

قوله - تعالى - : { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً . فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي إِلاَّ فِرَاراً } بيان للطرق والمسالك التى سلكها نوح مع قومه ، وهو يدعوهم إلى أخلاص العبادة لله - تعالى - بحرص شديد ومواظبة تامة . . وموقف قومه من دعوته لهم .

والمقصود بهذا الخبر لازم معناه ، وهو الشكاية إلى ربه ، والتمهيد لطلب النصر منه - تعالى - عليهم ، لأنه - سبحانه - لا يخفى عليه أن نوحا - عليه السلام - لم يقصر فى تبليغ رسالته .

أى : قال نوح متضرعا إلى ربه : يا رب إنك تعلم أننى لم أقصر فى دعوة قومى إلى عبادتك ، تارة بالليل وتارة بالنهار ، من غير فتور ولا توان .

{ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي } لهم إلى عبادتك وطاعتك { إِلاَّ فِرَاراً } أى : إلا تباعدا من الإِيمان وإعراضا عنه . والفرار : الزَّوَغَان والهرب . يقال : فر فلان يفر فرارا ، فهو فرور ، إذا هرب من طالبه ، وزاغ عن عينه .

والتعبير بقوله : { دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً } ، يشعر بحرص نوح التام على دعوتهم ، فى كل وقت يظن فيه أن دعوته لهم قد تنفع .

كما أن التعبير بقوله : { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي إِلاَّ فِرَاراً } يدل دلالة واضحة على إعراضهم التام عن دعوته ، أى : فلم يزدهم دعائى شيئا من الهدى ، وإنما زادهم بُعْداً عنى ، وفرارا منى .

وإسناد الزيادة إلى الدعاء ، من باب الإِسناد إلى السبب ، كما فى قولهم : سرتنى رؤيتك ، وقوله { فِرَاراً } مفعول ثان لقوله { فَلَمْ يَزِدْهُمْ } والاستثناء مفرغ من عموم الأحوال والمستثنى منه مقدر ، أى : فلم يزدهم دعائى شيئا من أحوالهم التى كانوا عليها إلا الفرار .

ويصح أن يكون الاستثناء منقطعا . أى : فلم يزدهم دعائى قرباً من الحق ، لكن زادهم فرارا منه .