الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (33)

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } يقول : مبين له خلق حية { ونزع يده } يقول : وأخرج موسى يده من جيبه { فإذا هي بيضاء } تلمع { للناظرين } ينظر إليها ويراها .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أقبل موسى بأهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليلاً ، فتضيف على أمه وهو لا يعرفهم في ليلة كانوا يأكلون منها [ ]الطقشيل ، فنزل في جانب الدار ، فجاء هارون ، فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه ، فأخبرته أنه ضيف فدعاه فأكل معه ، فلما قعدا فتحدثا فسأله هارون من أنت ؟ قال : أنا موسى . فقام كل واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه ، فلما أن تعارفا قال له موسى : يا هارون انطلق بي إلى فرعون فإن الله قد أرسلنا إليه .

قال هارون : سمعاً وطاعة فقامت أمهما فصاحت وقالت : أنشدكما بالله أن لا تذهبا إلى فرعون فيقتلكما ، فأبيا فانطلقا إليه ليلاً ، فأتيا الباب ، فضرباه ، ففزع فرعون وفزع البواب فقال فرعون : من هذا الذي يضرب ببابي هذه الساعة ؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما فقال له موسى : { أنا رسول رب العالمين } ففزع البواب ، فأتى فرعون فأخبره فقال : إن ههنا إنساناً مجنوناً يزعم أنه رسول رب العالمين فقال : أدخله ، فدخل فقال : إنه رسول رب العالمين .

{ قال فرعون : وما رب العالمين } قال : { ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } [ طه : 50 ] قال : { إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين . فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } [ الأعراف : 106 ] والثعبان الذكر من الحيات فاتحة فمها لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سورة القصر ، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه ، فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك وصاح : يا موسى خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل . فأخذها موسى فصارت عصا فقالت السحرة في نجواهم { إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهم } [ طه : 63 ] فالتقى موسى وأمير السحرة فقال له موسى : أرأيت أن غلبتك غداً أتؤمن بي ، وتشهد أن ما جئت به حق ؟ قال الساحر : لآتين غداً بسحر لا يغلبه شيء ، فوالله لئن غلبتني لأؤمنن بك ، ولأشهدن أنك حق ؛ وفرعون ينظر إليهما .