تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

75

المفردات :

فروح : فله استراحة أو رحمة .

ريحان : رزق حسن .

التفسير :

88 ، 89- { فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ } .

في آيات سابقة أظهر القرآن عجز الإنسان أمام ظاهرة الموت .

قال الخازن في تفسيره : وإذا لم يمكنكم إرجاع روح الميت إلى جسده ، فاعلموا أن الأمر إلى غيركم ، وهو الله تعالى فآمنوا به .

وهنا يذكر الله تعالى حال الناس بعد الوفاة ، ويقسّمهم إلا ثلاثة أقسام ، قد ذُكروا تفصيلا في صدر السورة ، وهم : المقربون ، وأصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال .

والمقربون هم السابقون ، المقربون إلى الله تعالى ، قد سبقوا إلى الإيمان وطاعة الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأداء الواجبات ، وترك المحرمات ، واتباع المأمورات ، والتأدّب بأدب الإسلام ، والتسابق إلى مرضاة الرحمن ، هؤلاء عند الموت يحسّون بمنزلتهم في الجنة ، وتبشرهم الملائكة بالجنة وريحانها وثمارها ونعيمها .

قال تعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة . . . } ( إبراهيم : 27 ) .

وعن مجاهد : فروح وريحان : جنة ورخاء .

وقال قتادة : فروح ورحمة .

وقال غيرهم : فروح . راحة من الدنيا ، وريحان . فرح بنعيم الآخرة .

وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة ، كما يقول ابن كثير في تفسيره ، فإن من مات مقربا حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة ، والفرح والسرور ، والرزق الحسن . أ . ه .

وجنّت نعيم . والجنة الواسعة التي يتنعم فيها المقربون بألوان النعيم .

وقد أورد الحافظ ابن كثير طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة عند تفسير هذه الآية .

منها ما رواه البخاري ، ومسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر ، تسرح في رياض الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش " xxi .

وتفيد جملة من الأحاديث أن روح المؤمن تسبح في الجنة ، حتى يُرجع الله الروح إلى الجسد عند البعث .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

{ فأما إن كان من المقربين } أي فأما إن كان المتوفى الذي بين حاله من السابقين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

ثم بين الله تعالى أن حال الناس بعد الوفاة ثلاثة أصناف .

فأما إن كان المتوفَّى من الذين عملوا صالحاً وكان من المقربين السابقين .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فأما إن كان} هذا الميت {من المقربين} عند الله في الدرجات والتفضيل...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فأمّا إنْ كانَ مِنَ المُقَرّبِينَ فَرَوْحَ وَرَيْحانٌ" يقول تعالى ذكره: فأما إن كان الميت من المقرّبين الذين قرّبهم الله من جواره في جنانه "فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ" يقول: فله روح وريحان. واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار "فَرَوْحٌ" بفتح الراء، بمعنى: فله برد "وَرَيْحانٌ" يقول: ورزق واسع... بمعنى: فله الرحمة والمغفرة، والرزق الطيب الهنّي...

وأصله من قولهم: وجدت رَوْحا: إذا وجد نسيما يَسَترْوح إليه من كَرَبِ الحرّ. وأما الرّيحان، فإنه عندي الريحان الذي يُتَلقى به عند الموت، وقوله: "وَجَنّةُ نَعِيمٍ" يقول: وله مع ذلك بستان نعيم يتنعم فيه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

[{فأما إن كان من المقربين} {فروح وريحان وجنات نعيم} {وأما إن كان من أصحاب اليمين} {فسلام لك من أصحاب اليمين}] [الآيات: 88 – 91 يقال للمؤمنين عند الموت بشارة لهم بما يكون لهم في الجنة. ومنهم من يقول: إنما يقال ذلك إذا دخل هؤلاء الجنة وأولئك النار؛ أعني الكافرين، وهو ما ذكر: {وأما إن كان من المكذبين الضالين} {فنزل من حميم} {وتصلية جحيم} [الآيات: 92 إلى 94]. وجائز أن يكون يقال ذلك للمؤمنين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة وهو وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم {ومن} عنده في الجنة ومكانهم لديه على ما كانوا في الدنيا: المقربون عنده ومكانهم لديه أقرب من مكان غيرهم من المؤمنين. فعلى ذلك يخبر أن السابقين في الإجابة يكونون في الآخرة عنده أقرب. ويكون قوله: {فروح وريحان} أي يستأنس هو بهم، ويستأنسون به، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، على ما كانوا في الدنيا. ويحتمل ما ذكر بعضهم أن ذلك يقال لهم بعد ما دخل أهل الجنة الجنة وأصحاب النار النار، والله أعلم.وقال بعضهم: الروح كناية عن دوام النعمة والسعة؛ يقال: فلان في روح إذا كان في سعة ونعمة، والريحان كناية عن الشرف والمنزلة؛ يقال: فلان ريحاني، وذلك لشرفه ومنزلته.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

المقَرَّبون هم الذين قرَّبهم اللَّهُ بفضله، فلهم {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{مِنَ الْمُقَرَّبِينَ}، وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فأما إن كان} أي الميت منهم {من المقربين} أي السابقين الذين اجتذبهم الحق من أنفسهم فقربهم منه فكانوا مرادين قبل أن يكونوا مريدين، وليس القرب قرب مكان لأنه تعالى منزه عنه، وإنما هو بالتخلق بالصفات الشريفة على قدر الطاقة البشرية ليصير الإنسان روحاً خالصاً كالملائكة لا سبيل للحظوظ والشهوات عليه، فإن قربهم إنما هو بالانخلاع من الإرادة أصلاً ورأساً، وذلك أنه لا شهوات لهم فلا أغراض فلا فعل إلا ما أمروا به فلا إرادة، إنما الإرادة للمولى سبحانه وهو معنى {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} [النحل: 90] أي مطلق الإرادة في غير أمر من الله، لأن المملوك الذي هو لغيره لا ينبغي أن يكون له شيء لا إرادة ولا غيرها -وفقنا الله تعالى لذلك.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والرَّوْح: -بفتح الراء- في قراءة الجمهور، وهو الراحة، أي فرَوْح له، أي هو في راحة ونعيم، وتقدم في قوله: {ولا تيأسوا من روح الله} في سورة يوسف (87). وقرأه رويس عن يعقوب بضم الراء. ورويت هذه القراءة عن عائشة عن النبي عند أبي داود والترمذي والنسائي، أي أن رسول الله روي عنه الوجهان، فالمشهور روي متواتراً، والآخر روي متواتراً وبالآحاد، وكلاهما مراد.

ومعنى الآية على قراءة ضم الراء: أن روحه معها الريحان وهو الطيب وجنة النعيم. وقد ورد في حديث آخر: أن رُوح المؤمن تخرج طيبة. وقيل: أطلق الرُّوح بضم الراء على الرحمة لأن من كان في رحمة الله فهو الحيّ حقاً، فهو ذو روح، أما من كان في العذاب فحياته أقل من الموت، قال تعالى: {لا يموت فيها ولا يحيى} [الأعلى: 13]، أي لأنه يتمنى الموت فلا يجده.

والريحان: شجر لورقة وقضبانه رائحة ذكية شديد الخضرة كانت الأمم تزين به مجالس الشراب. قال الحريري « وطوراً يستبزل الدنان، ومرة يستنثق الريحان» وكانت ملوك العرب تتخذهُ...

وتقدم عند قوله تعالى: {والحب ذو العصف والريحان} في سورة الرحمن (12)، فتخصيصه بالذكر قبل ذكر الجنة التي تحتوي عليه إيماء إلى كرامتهم عند الله، مثل قوله: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} [الرعد: 23، 24].

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

وعادت الآيات الكريمة إلى الحديث عن الأصناف الثلاثة الذين ينقسم إليهم البشر يوم القيامة، دون أي اعتبار خاص في التقسيم والتصنيف، ما عدا اعتبار العمل الذي قاموا به في الدنيا، والجزاء الذي استحقوه في الآخرة.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

ثم ذكر مآل الخلق بعد الموت فقال { فأما إن كان من المقربين }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

قوله تعالى : " فأما إن كان من المقربين " ذكر طبقات الخلق عند الموت وعند البعث ، وبين درجاتهم فقال : " فأما إن كان " هذا المتوفى " من المقربين " وهم السابقون .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

{ فأما إن كان من المقربين } الضمير في { كان } للمتوفى وكرر هنا ما ذكره في أول السورة من تقسيم الناس إلى ثلاثة أصناف السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال فالمراد بالمقربين هنا السابقون المذكورون هناك .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (88)

ولما كان التقدير : لا يقدر أحد أصلاً على ردها بعد بلوغها إلى ذلك المحل لأنا نريد جمع الخلائق للدينونة بما فعلوا فيما أقمناهم فيه وأمرناهم به ولا يكون إلا ما تريد ، فكما أنكم مقرون بأنه خلقكم من تراب وبأنه يعيدكم قهراً إلى التراب يلزمكم حتماً أن تقروا بأنه قادر على أن يعيدكم من التراب{[62302]} فإن أنكرتم هذا اللازم لزمكم إنكار ملزومه ، وذلك مكابرة في الحس فليكن الآخر مثله ، فثبت أنا إنما نعيد الخلائق إلى التراب لنجمعهم فيه ثم نبعثهم منه لنجازي كلاًّ بما يستحق ونقسمهم إلى أزواج ثلاثة { فأما إن كان } أي الميت منهم { من المقربين * } أي السابقين الذين اجتذبهم الحق من أنفسهم فقربهم منه فكانوا مرادين قبل أن يكونوا مريدين{[62303]} ، وليس القرب قرب مكان لأنه تعالى منزه عنه ، وإنما هو بالتخلق بالصفات الشريفة على قدر الطاقة البشرية ليصير الإنسان روحاً خالصاً كالملائكة لا سبيل للحظوظ والشهوات عليه ، فإن قربهم إنما هو بالانخلاع من الإرادة أصلاً ورأساً ، وذلك أنه لا شهوات لهم فلا أغراض فلا فعل إلا ما أمروا به فلا إرادة ، إنما الإرادة للمولى سبحانه وهو معنى{ وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي }[ النحل : 90 ] أي مطلق الإرادة في غير{[62304]} أمر من الله ، لأن المملوك الذي هو لغيره لا ينبغي أن يكون له شيء لا إرادة ولا غيرها - وفقنا الله تعالى لذلك


[62302]:- زيد من ظ.
[62303]:- من ظ، وفي الأصل: مرادين.
[62304]:- زيد من ظ.