تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

المفردات :

نومكم سباتا : قطعا لأعمالكم ، وراحة لأبدانكم .

الليل لباسا : ساترا لكم بظلمته كاللباس .

النهار معاشا : تحصّلون فيه ما تعيشون به .

التفسير :

9 ، 10 ، 11- وجعلنا نومكم سباتا* وجعلنا الليل لباسا* وجعلنا النهار معاشا .

النوم آية من آيات الله تعالى ، حيث ينقطع الإنسان عن العمل والكدح ، ويستغرق في نوم هادئ ، حيث تهدأ نفسه ويستريح جسمه ، ويتكامل هدوءه ، ويتجدد بعد النوم نشاطه ، فالنوم نعمة إلهية ، وهو آية ، وفي غزوتي بدر غشى النوم المجاهدين فآنسهم وجدّد نشاطهم وأراح أعصابهم .

قال تعالى : إذ يغشّيكم النعاس أمنة منه . . . ( الأنفال : 11 ) .

وقال سبحانه وتعالى : ثم أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم . . . ( آل عمران : 154 ) .

وأحيانا ينام الإنسان المجهد دقائق معدودة ، أو يغفى إغفاءة بسيطة ، ثم يستيقظ وقد استراحت أعصابه وتجدد نشاطه ، ذلك أن الله العلي القدير هو الخالق للإنسان ، وخالق الآلة أدرى بما تحتاج إليه ، ولو استمر الإنسان مستيقظا بدون نوم لخارت قواه وضعفت .

قال تعالى : ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله . . . ( الروم : 23 ) .

وجعلنا الليل لباسا .

الليل يقطع العمل المسترسل ، وفيه الظلام الممتد الذي يغمر الكون ، ويغشاه ويستره كما يستر الثوب ، صاحبه حين يلبسه ، والليل فرصة للهارب ، وفيه يختفي الكامن للوثوب على عدوّه ، للتخلص منه والنجاة من شرّه ، ويتّقي به كل من أراد ألا يطّلع الناس على كثير من أموره .

وجعلنا النهار معاشا .

جعلنا النهار فرصة للسعي على المعاش والكدّ والعمل ، حيث جعله الله مشرقا منيرا ، ليتمكن الناس من السّعي فيه ، والعمل والتكسب والتجارة وغير ذلك .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

لباسا : سترا ، لباس الجسم ما يستره . والليل شبيه باللباس لأنه يستر الأشخاص بظلمته .

5-{ وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً } وجعلْنا الليلَ بظلامه ساتراً لكم ، كاللّباس الذي يغطي الجسمَ ويستُره ، اللّيل شبيه باللّباس لأنه يستر الأشخاصَ بظُلمته . وللناسِ في هذا السَّتر فوائدُ اللباس .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

{ وجعلنا الليل لباساً } غطاء وغشاء يستر كل شيء بظلمته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني سكنا... فألبسكم ظلمته على خير وشر كثير...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَجَعَلْنا اللّيْلَ لِباسا" يقول تعالى ذكره: وجعلنا الليل لكم غِشاء يتغشاكم سواده، وتغطيكم ظلمته، كما يغطي الثوبُ لابسَه، لتسكنوا فيه عن التصرّف لما كنتم تتصرّفون له نهارا.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

يستركم عن العيون إذا أردتم هرباً من عدوّ، أو بياتاً له، أو إخفاء ما لا تحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وأيضا فكما أن الإنسان بسبب اللباس يزداد جماله وتتكامل قوته ويندفع عنه أذى الحر والبرد، فكذا لباس الليل بسبب ما يحصل فيه من النوم يزيد في جمال الإنسان، وفي طراوة أعضائه وفي تكامل قواه الحسية والحركية، ويندفع عنه أذى التعب الجسماني، وأذى الأفكار الموحشة النفسانية، فإن المريض إذا نام بالليل وجد الخفة العظيمة.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

من إتمام الاستدلال الذي قبله وما فيه من المنة لأن كون الليل لباساً حالة مهيئة لتكيف النوم ومُعينة على هنائه والانتفاع به لأن الليل ظلمة عارضة في الجو من مزايلة ضوء الشمس عن جزء من كرة الأرض وبتلك الظلمة تحتجب المرئيات عن الأبصار فيعسر المشي والعمل والشغل وينحط النشاط فتتهيأ الأعصاب للخمول ثم يغشاها النوم فيحصل السبات بهذه المقدمات العجيبة، فلا جرم كان نظام الليل آية على انفراد الله تعالى بالخلق وبديع تقديره.

وكان دليلاً على أن إعادة الأجسام بعد الفناء غير متعذرة عليه تعالى، فلو تأمل المنكرون فيها لعلموا أن الله قادر على البعث فَلَمَا كذبوا خَبَر الرسول صلى الله عليه وسلم به، وفي ذلك امتنان عليهم بهذا النظام الذي فيه اللطف بهم وراحة حياتهم لو قدَروه حق قدره لشكروا وما أشركوا، فكان تذكر حالة الليل سريع الخطور بالأذهان عند ذكر حالة النوم فكان ذكر النوم مناسبة للانتقال إلى الاستدلال بحالة الليل على حسب أفهام السامعين.

والمعنيّ من جعل الليل لباساً يحوم حول وصف حالة خاصة بالليل عبر عنها باللباس.

فيجوز أن يكون اللباس محمولاً على معنى الاسم وهو المشهور في إطلاقه، أي ما يلبسه الإِنسان من الثياب فيكون وصف الليل به على تقدير كاف التشبيه على طريقة التشبيه البليغ، أي جعلنا الليل للإِنسان كاللباس له، فيجوز أن يكون وجه الشبه هو التغشية. وتحته ثلاثة معانٍ:

أحدها: أن الليل ساتر للإِنسان كما يستره اللباس، فالإِنسان في الليل يختلي بشؤونه التي لا يرتكبها في النهار لأنه لا يحب أن تراها الأبصار...

المعنى الثاني: من معنيي وجه الشبه باللباس: أنه المشابهة في الرفق باللاَّبس والملاءمة لراحته، فلما كان الليل راحة للإِنسان وكان محيطاً بجميع حواسه وأعصابه شُبه باللباس في ذلك. ونُسب مُجمل هذا المعنى إلى سعيد بن جبير والسُّدي وقتادة إذ فسروا {سباتاً} [النبأ: 9] سكَناً.

المعنى الثالث: أن وجه شبه باللباس هو الوقاية، فاللَّيل يقي الإِنسان من الأخطار والاعتداء عليه، فكان العرب لا يغير بعضهم على بعض في الليل وإنما تقع الغارة صباحاً ولذلك إذا غِير عليهم يصرخ الرجل بقومه بقوله: يا صَبَاحَاه. ويقال: صَبَّحَهم العَدوُّ. وكانوا إذا أقاموا حرساً على الرُّبى نَاظُورَةَ على ما عسى أن يطرقهم من الأعداء يقيمونه نهاراً فإذا أظلم الليل نزل الحَرس.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

{ وجعلنا الليل لباسا } يلبس كل شيء بسواده

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

" وجعلنا الليل لباسا " أي تلبسكم ظلمته وتغشاكم . قاله الطبري . وقال ابن جبير والسدي : أي سكنا لكم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا} (10)

ولما ذكر النوم ، اتبعه وقته الأليق به مذكراً بنعمة الظرف الزماني بعد التذكير بالظرف المكاني ، فقال دالاً{[71087]} بمظهر العظمة على عظمه : { وجعلنا الّيل } أي بعد ذهاب الضياء حتى كأنه لم يكن { لباساً * } أي غطاء وغشاء ساتراً بظلمته{[71088]} ما أتى عليه عن العيون كما يستره اللباس لتسكنوا فيه عن المعاش


[71087]:في الأصل بياض ملأناه من ظ و م.
[71088]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ و م فحذفناها.