تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} (11)

5

المفردات :

يرسل السماء : المطر الذي في السحاب .

مدرارا : غزيرا متتابعا .

التفسير :

11- يرسل السماء عليكم مدرارا .

إن التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله من أسباب نزول المطر المتتابع الذي يتسبب في حياة الأرض بالزراعة ، وخروج الحبّ والخير .

قال قتادة : كانوا أهل حبّ للدنيا ، فاستدعاهم إلى الآخرة من الطريق التي يحبّونها . اه .

وكانوا قد أصيبوا بالقحط وقلة الذريّة وعقم النّساء ، فوعدهم إن آمنوا أن يرفع الله عنهم القحط ، وييسر لهم الرزق .

وقد تكرّر هذا المعنى في القرآن الكريم حيث ربط القرآن بين صلاح القلوب واستقامتها على هدى الله وبين تيسير الأرزاق وعموم الرخاء .

قال تعالى : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون . ( الأعراف : 96 ) .

وقال عز شأنه : ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم* ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أجلهم . . . ( المائدة : 65 ، 66 ) .

وهذه القاعدة التي وضعها القرآن قاعدة صحيحة ، تقوم على أسبابها من وعد الله ومن سنة الحياة .

قال تعالى : ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون . ( الأنبياء : 105 ) .

لقد كان الاتحاد السوفيتي من أعظم الدول ، وسادت فيه الجاسوسية وإهدار قيمة الإنسان ، وتفككت دوله وانهار كيانه .

( ونجد في أمريكا وفرة في الأرزاق ، وتمكينا في الأرض ، ومع ذلك نجد هبوطا في المستوى الأخلاقي ، وهبوطا في تصوّر الحياة إلى الدرك الأسفل ، فيقوم كلّه على الدولار )i .

لقد بيّن القرآن أن الله يختبرنا بالخير والشر فتنة ، قال تعالى : ونبلوكم بالشر والخير فتنة . . . ( الأنبياء : 35 ) .

إن الأمة الإسلامية مدعوة إلى الرجوع إلى هدى القرآن الكريم والسنة المطهرة ، والارتفاع إلى مستوى الأحداث ، والتقدم العلمي والعملي ، والرقي في السلوك والأخلاق ، لتعود بحق : خير أمة أخرجت للناس . . . ( آل عمران : 110 ) .

ولن يجد بابا مفتوحا لعز الدنيا وسعادة الآخرة أوسع من باب الله ، والفهم الصحيح لكتابه ، والقدوة الذكية لسنّة نبينا ، والتبصّر بأحداث أيامنا ، وفقه الواقع الذي نعيش فيه ، حتى يغيّر الله ما بنا من تخلف وهوان .

كما قال سبحانه وتعالى : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . . . ( الرعد : 11 ) .

وكما قال سبحانه وتعالى : إن تنصروا الله ينصروكم ويثبت أقدامكم . ( محمد : 7 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} (11)

يُرسِل السماءَ عليكم : يرسل المطر .

مدرارا : غزيرا .

يُغِثْكم ويُرْسِلِ الأمطار عليكم غزيرةً تُخصِب أرضَكم وتُحيي زروعكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} (11)

ورغبهم أيضا ، بخير الدنيا العاجل ، فقال : { يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } أي : مطرا متتابعا ، يروي الشعاب والوهاد ، ويحيي البلاد والعباد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} (11)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني المطر عليكم يجيئ به متتابعا.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يسقيكم ربكم إن تبتم ووحدتموه وأخلصتم له العبادة الغيث، فيرسل به السماء عليكم مدرارا متتابعا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ويرسل السماء عليكم مدرارا} {ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} فيحتمل أن ما قال هذا لأنهم كانوا في شدة عيش وضيق حال، فوعد أنهم إن انتهوا عن الكفر، وأجابوا إلى ما يدعوهم إليه غفر الله لهم ذنوبهم، وأرسل السماء عليهم مدرارا، فيتوسعوا به... ويحتمل أن يكونوا خافوا انقطاع النعمة عنهم والإجابة وزوال السعة عنهم بالإسلام، ومن الناس من يترك الإيمان خشية هذا، فأخبر الله عز وجل أن الذي هم فيه من رغد العيش لا ينقطع عنهم بالإسلام، بل يرسل عليهم المطر من السماء مدرارا متتابعا، ويمددهم بأموال وبنين مع ما يجعل لهم من الجنان والأنهار. لكن ذوي الألباب والعقلاء ينظرون إلى حسن العاقبة وما عليه مآل الأمر دون الحال، فذلك الذي يرغبهم فيه. ولذلك اختلفت دعوة النبي عليه السلام لأمته، فمنهم من بشّره بكثرة أمواله وبنيه، ومنهم من رغبه في آخرته بقوله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}] يونس: 58] وقوله تعالى: {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار} الآية [آل عمران: 15]. ونظير الأول كقوله عز وجل: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} [الأعراف: 96]. والأصل أن الرسل عليهم السلام بعثوا مبشرين ومنذرين داعين زاجرين محتجين مدحضين؛ فبما يتلون عليهم من أنباء الأولين دخل فيه جميع الأوجه الثلاثة، إذ النذارة والبشارة مرة تقع بالابتداء ومرة بما ينزل بالمتقدمين المصدقين منهم والمكذبين: أن كيف كانت عواقب هؤلاء وهؤلاء. وكذلك الدعاء، والرحمة تكون مرة بابتداء الدعاء، والزجر يكون بذكر الأمم السالفة وأن الرسل كيف كانوا يدعونهم ثانيا، والله أعلم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والسماء: المظلة؛ لأنّ المطر منها ينزل إلى السحاب؛ ويجوز أن يراد السحاب أو المطر.

والمدرار: الكثير الدرور.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 10]

يقتضي أن الاستغفار سبب لنزول المطر في كل أمة. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استسقى بالناس فلم يزد على أن استغفر ساعة ثم انصرف فقال له قوم: ما رأيناك استسقيت يا أمير المؤمنين، فقال: والله لقد استنزلت المطر بمجاديح السماء، ثم قرأ الآية، وسقى رضي الله عنه، وشكى رجل إلى الحسن الجرب فقال له: استغفر الله، وشكى إليه آخر الفقر، فقال: استغفر إليه، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فنزع بهذه الآية.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما قرر أمر التوبة وبين قبولها وقدمه اهتماماً به لأنه أصل ما يبتنى عليه، ولأن التخلي قبل التحلي، ودرء المفاسد قبل جلب المصالح والفوائد، رغب فيها بما يكون عنها من الزيادة في الإحسان على أصل القبول، وينشأ عن الاستغفار من الآثار الكبار من الأفضال بجلب المسار بما هو مثال للجنة التي كان سبب الإخراج منها النسيان لأنهم أحب شيء في الأرباح الحاضرة والفوائد العاجلة لا سيما بما يبهج النفوس ويشرح الصدور لإذهابه البؤس، فقال مجيباً لفعل الأمر: {يرسل السماء} أي المظلة الخضراء أو السحاب أو المطر {عليكم} أي بالمطر وأنواع البركات {مدراراً} أي حال كونها كثيرة الدرور متكررته.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {السماء}: هنا المطر، ومن أسماء المطر السماء. وفي حديث « الموطأ» و« الصحيحين» عن زيد بن خالد الجهني: أنه قال: "صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحُدَيْبِيَة على إِثْر سَمَاءٍ كانت من الليْل " الحديث. والمدرار: الكثيرة الدُّر والدُّرور، وهو السيلان، يُقال: درت السماء بالمطر، وسماء مدرار. ومعنى ذلك: أن يَتْبع بعض الأمطار بعضاً.

والإِرسال: مستعار للإِيصال والإِعطاء، وتعديته ب {عليكم} لأنه إيصال من علوّ.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ولا يطهركم من الذنوب فحسب بل: (يرسل السماء عليكم مدراراً).

والخلاصة: إنّ اللّه تعالى يفيض عليكم بأمطار الرحمة المعنوية، وكذلك بالأمطار المادية المباركة. ومن الملاحظ في سياق هذه الآية أنّه يقول «يرسل السماء» فالسماء تكاد أن تهبط من شدّة هطول الأمطار! وبما أنّها أمطار رحمة وليست نقمة، فلذا لا تسبب خراباً وأضراراً، بل تبعث على الإعمار والبركة والحياة.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} (11)

{ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا } { يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } وذلك أنهم لما كذبوه حبس الله عنهم المطر وأعقم نساءهم فهلكت أموالهم ومواشيهم فوعدهم نوح إن آمنوا أن يرد الله عليهم ذلك فقال { يرسل السماء عليكم مدرارا } كثيرة الدر أي كثيرة المطر { ويمددكم بأموال وبنين } يعطكم زينة الدنيا وهي المال والبنون

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا} (11)

ولما قرر أمر التوبة وبين قبولها وقدمه اهتماماً به لأنه أصل ما يبتنى عليه ، ولأن التخلي قبل التحلي ، ودرء{[68704]} المفاسد قبل جلب المصالح والفوائد ، رغب فيها بما يكون عنها من الزيادة في الإحسان على أصل القبول ، وينشأ عن الاستغفار من الآثار الكبار من الأفضال بجلب المسار بما هو مثال للجنة التي كان سبب الإخراج منها النسيان لأنهم أحب شيء في الأرباح الحاضرة والفوائد العاجلة لا سيما بما يبهج النفوس ويشرح الصدور لإذهابه البؤس{[68705]} ، فقال مجيباً لفعل الأمر : { يرسل السماء } أي المظلة الخضراء أو السحاب أو المطر { عليكم } أي بالمطر وأنواع{[68706]} البركات { مدراراً * } أي حال كونها كثيرة الدرور متكررته ، وهذا البناء يستوي فيه المذكر والمؤنث


[68704]:- من ظ وم، وفي الأصل: رد.
[68705]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا ذهاب.
[68706]:- زيد في الأصل: المطر، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.