تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

71

73- { ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون } .

يعدد الله سبحانه وتعالى بعض نعمه في خلق الأنعام ، فيذكر أن للناس في هذه الأنعام منافع متعددة أخرى ، مثل الاستفادة بجلودها وعظامها وتسخيرها في حرث الأرض ، وسقي الزرع وهم يشربون ألبانها ويستفيدون بنتاجها ، وينتفعون بأثمانها .

{ أفلا يشكرون } . هلا شكروا الله الخالق القادر ، الذي ذلل لهم هذه الأنعام وسخرها لهم ، ويسر لهم منافعها والاستفادة بركوبها ، والانتفاع بأشعارها وأوبارها ، وجلودها في صناعة الخيام والأحذية والحقائب ، ثم الاستفادة بشرب الألبان ، ونتاج الحيوان والتجارة في الحيوان وفي منتجاته ، أفلا يشكر الإنسان ربّه على هذه النعم ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا ركب الدابة يقول : { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين } . [ الزخرف : 13 ] .

أي أن الله سخر لنا هذا الحيوان الضخم القويّ ، وذلّله لخدمتنا وما كنّا له مطيقين لو كان غير مذلل .

قال تعالى : { والذي خلق الزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون* لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } . [ الزخرف 12-14 ] .

وقال عز شأنه : { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم * والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون } . [ النحل 5-8 ]

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

" ولهم فيها منافع " من أصوافها وأوبارها وأشعارها وشحومها ولحومها وغير ذلك . " ومشارب " يعني ألبانها ، ولم ينصرفا لأنهما من الجموع التي لا نظير لها في الواحد . " أفلا يشكرون " الله على نعمه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

ولما أشار إلى عظمة نفع الركوب والأكل بتقديم الجار ، وكانت منافعها من غير ذلك كثيرة ، قال : { ولهم فيها منافع } أي بالأصواف والأوبار والأشعار والجلود والبيع وغير ذلك ، وخص المشرب من عموم المنافع لعموم نفعه ، فقال جامعاً له لاختلاف طعوم ألبان الأنواع الثلاثة ، وكأنه عبر بمنتهى الجموع لاختلاف طعوم أفراد النوع الواحد لمن تأمل { ومشارب } أي من الألبان ، أخرجناها مميزة عن الفرث والدم خالصة لذيذة ، وكل ذلك لا سبب له إلا أن كلمتنا حقت به ، فلم يكن بد من كونه على وفق ما أردنا ، فليحذر من هو أضعف حالاً منها من حقوق أمرنا ومضي حكمنا بما يسوءه .

ولما كانت هذه الأشياء من العظمة بمكان ، لو فقده الإنسان لتكدرت معيشته ، سبب عن ذلك استئناف الإنكار عليهم في تخلفهم عن طاعته بقوله : { أفلا يشكرون * } أي يوقعون الشكر ، وهو تعظيم المنعم لما أنعم وهو استفهام بمعنى الأمر .