{ أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون ( 71 ) وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ( 72 ) ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ( 73 ) }
مما عملت أيدينا : مما صنعته قدرتنا ، وخلقناه ، ولم يخلقه غيرنا .
أنعاما : جمع نعم ، وهي الإبل والبقر والغنم والمعز .
ثمانية أزواج ، من الإبل اثنين : ذكر وأنثى ، وهما الجمل والناقة ، وكذلك البقر والغنم والمعز ، خلق الله الثور والبقرة ، والخروف والنعجة ، والتيس والعنزة .
71-{ أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون } .
من شأن القرآن أن يفتح العيون ، ويلفت الأنظار إلى ما في الكون من جمال وإبداع ، ومن ذلك إرشاده إلى قدرة الله وحده ، الذي خلق للإنسان أنواع الحيوانات ، بسائر أشكالها وألوانها :
فخلق من الإبل اثنين هما الجمل والناقة .
ومن البقر اثنين هما الثور والبقرة .
ومن الغنم اثنين هما الكبش والنعجة .
ومن المعز اثنين وهما التيس والعنزة .
وهذا الخلق بيده سبحانه أي بقدرته وحده ، كما تقول : عملت هذا العمل بيدي وحدي .
{ فهم لها مالكون } . يستفيدون بهذه الأنعام ، بالبيع والشراء ، ويتصرفون فيها تصرف الملاك ، وكان من الواجب أن يقولوا : سبحان الذي سخَّر لنا هذا ، وذلّله ومكننا منه ، فلله الحمد والمنة .
قوله تعالى : " أولم يروا أنا خلقنا لهم " هذه رؤية القلب ؛ أي : أو لم ينظروا ويعتبروا ويتفكروا . " مما عملت أيدينا " أي مما أبدعناه وعملناه من غير واسطة ولا وكالة ولا شركة . و " ما " بمعنى الذي وحذفت الهاء لطول الاسم . وإن جعلت " ما " مصدرية لم تحتج إلى إضمار الهاء . " أنعاما " جمع نعم والنعم مذكر . " فهم لها مالكون " ضابطون قاهرون .
ولما أخبر سبحانه بإعماء أفكارهم ، وهدد بطمس أبصارهم ، ومسخهم على مقاعدهم وقرارهم ، وأعلم بأن كتابه خاتم بإنذارهم ، ذكرهم بقدرته وقررهم تثبيتاً لذلك ببدائع صنعته ، فقال عاطفاً على ما تقديره : ألم يروا ما قدمناه وأفهمته آية { ومن نعمره } وما بعدها من بدائع صنعنا تلويحاً وتصريحاً الدال على علمنا الشامل وقدرتنا التامة ، فمهما صوبنا كلامنا إليه حق القول عليه ولم يمنعه مانع ، ولا يتصور له دافع { أولم يروا } أي يعلموا علماً هو كالرؤية ما هو أظهر عندهم دلالة من ذلك في أجل أموالهم ، ولا يبعد عندي - وإن طال المدى - أن يكون معطوفاً على قوله : { ألم يروا كما أهلكنا قبلهم من القرون } فذاك استعطاف إلى توحيده بالتحذير من النقم ، وهذا بالتذكير بالنعم ، ونبههم على ما في ذلك من العظمة بسوق الكلام في مظهرها كما فعل في آية إهلاك القرون فقال : { أنا خلقنا لهم } وخصها بنفسه الشريفة محواً للأسباب وإظهاراً لتشريفهم بتشريفها في قوله : { مما عملت } .
ولما كان الإنسان مقيداً بالوهم لا ينفك عنه ، ولذلك يرة الأرواح في المنام في صور أجسادها ، وكانت يده محل قدرته وموضع اختصاصه ، عبر له بما يفهمه فقال : { أيدينا } أي بغير واسطة على علم منا بقواها ومقاديرها ومنافعها وطبائعها وغير ذلك من أمورها { أنعاماً } ثم بين كونها لهم بما سبب عن خلقها من قوله : { فهم لها مالكون * } أي ضابطون قاهرون من غير قدرة لهم على ذلك لولا قدرتنا بنوع التسبب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.