37-{ بل جاء بالحق وصدق المرسلين } .
ردّ الله عليهم افتراءهم وزعمهم أن محمدا شاعر مجنون ، فبيّن سبحانه أن هذا الرسول الأمين جاء بالقرآن الكريم ، الذي أنزله الله بالحق ، وبالحق نزل .
{ وصدق المرسلين } . الذين أرسلهم الله فقصّ سيرتهم وسجّل كفاحهم ، وبيّن أن جميع الرسل تعرضوا للبلاء والاختبار ، قال تعالى : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك . . . }[ فصلت : 43 ] .
وقال عز شأنه : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل . . . } [ الأحقاف : 35 ] .
وقد جاء في القرآن والسنة ما يفيد أن المسلم مطالب بالإيمان بالرسل والكتب السابقة ، فجميع الرُّسل دعوا إلى التوحيد ، وحثوا على مكارم الأخلاق ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون الناس يطوفون بالدار ، ويقولون : ما أجمل هذه الدار لو وضعت هذه اللبنة ، فأنا هذه اللبنة ، وأنا خاتم الرسل " {[542]} . رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء إخوة لعلاّت {[543]} ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد " {[544]} رواه البخاري .
وقال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له ، مسلمون } [ البقرة : 136 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " {[545]}
ولهذا قال تعالى ، ناقضا لقولهم : { بَلْ جَاءَ } محمد { بِالْحَقِّ } أي : مجيئه حق ، وما جاء به من الشرع والكتاب حق . { وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } [ أي : ومجيئه صدق المرسلين ] فلولا مجيئه وإرساله لم يكن الرسل صادقين ، فهو آية ومعجزة لكل رسول قبله ، لأنهم أخبروا به وبشروا ، وأخذ اللّه عليهم العهد والميثاق ، لئن جاءهم ، ليؤمنن به ولينصرنه ، وأخذوا ذلك على أممهم ، فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله ، وتبين كذب من خالفهم ، . فلو قدر عدم مجيئه ، وهم قد أخبروا به ، لكان ذلك قادحا في صدقهم .
وصدق أيضا المرسلين ، بأن جاء بما جاءوا به ، ودعا إلى ما دعوا إليه ، وآمن بهم ، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم .
ولما كان مرادهم بذلك أن كلامه باطل ، فإن أكثر كلام الشاعر غلو وكذب وكلام المجنون تخليط ، كان كأنه قال في جوابهم : إنه لم يجىء بشعر ولا بجنون : { بل جاء بالحق } أي الكامل في الحقية .
ولما كان ما جاء به أهلاً لكونه حقاً لأن يقبل وإن خالف جميع أهل الأرض ، وكان موافقاً مع ذلك لمن تقرر صدقهم واشتهر اتباع الناس لهم ، فكان أهلاً لأن يقبله هؤلاء الذين أنزلوا أنفسهم عن أوج معرفة الرجال بالحق إلى حضيض معرفة الحق على زعمهم بالرجال ، فكان مآل أمرهم التقليد قال : { وصدق المرسلين * } أي الذين علم كل ذي لب أنهم أكمل بدور أضاء الله بهم الأكوان في كل أوان ، وتقدم في آخر سورة فاطر أنهم عابوا من كذبهم { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم أحد منهم ليؤمنن به فكذبوا } بأن كذبوا سيدهم بهذا الكلام المتناقض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.