جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطّرْفِ أَتْرَابٌ } : يقول تعالى ذكره : عند هؤلاء المتقين الذين أكرمهم الله بما وصف في هذه الاَية من إسكانهم جنات عدن قاصِراتُ الطّرْفِ يعني : نساء قصرت أطرافهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم ، ولا يمددن أعينهن إلى سواهم ، كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وَعِنْدَهُمْ قاصِرَاتُ الطّرْفِ ) : قال : قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : ( قاصِرات الطّرْفِ ) : قال : قصَرن أبصارهنّ وقلوبهنّ وأسماعهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم .

وقوله : ( أتْرَابٌ ) يعني : أسنان واحدة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف بين أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( قاصِرَاتٌ الطّرْفِ أتْرابٌ ) قال : أمثال .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( أتْرَابٌ ) : سن واحدة .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : ( أتْرَابٌ ) : قال : مستويات . قال : وقال بعضهم : متواخيات لا يتباغضن ، ولا يتعادين ، ولا يتغايرن ، ولا يتحاسدن .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

{ عندهم قاصِراتُ الطَّرْفِ : { عند } ظرف مكان قريب و { قَاصِرات الطرف } صفة لموصوف محذوف ، أي نساء قاصرات النظر . وتعريف { الطرف } تعريف الجنس الصادقُ بالكثير ، أي قاصرات الأطراف . و { الطرف } : النظر بالعَين ، وقصر الطرف توجيهه إلى منظور غير متعدد ، فيجوز أن يكون المعنى : أنهن قاصرات أطرافَهن على أزواجهن . فالأطراف المقصورة أطرافهن . وإسناد { قاصرات } إلى ضميرهن إسناد حقيقي ، أيْ لا يوجّهْن أنظارهن إلى غيرهم وذلك كناية عن قصر محبتهن على أزواجهن .

ويجوز أن يكون المعنى : أنهن يقصرن أطرافَ أزواجهن عليهن فلا تتوجه أنظار أزواجهن إلى غيرهن اكتفاء منهم بحسنهن وذلك كناية عن تمام حسنهن في أنظار أزواجهن بحيث لا يتعلق استحسانهم بغيرهن ، فالأطراف المقصورة أطراف أزواجهن ، وإسناد { قاصرات } إليهن مجاز عقلي إذْ كان حسنهن سببَ قصْر أطراف الأزواج فإنهن ملابسات سَبب سَبَبِ القصر .

و { أَتراب } : جمع تِرْب بكسر التاء وسكون الراء ، وهو اسم لمن كان عمره مساوياً عُمرَ من يُضاف إليه ، تقول : هو تِرب فلان ، وهي ترب فلانة ، ولا تلحق لفظَ ترب علامةُ تأنيث . والمراد : أنهن أتراب بعضُهن لبعض ، وأنهن أتراب لأزواجهن لأن التحابَّ بين الأقران أمكن .

والظاهر أن { أتْرَابٌ } وصف قائم بجميع نساء الجنة من مخلوقاتتِ الجنةِ ومن النساء اللاتي كنّ أزواجاً في الدنيا لأصحاب الجنة ، فلا يكون بعضهن أحسن شباباً من بعض فلا يلحق بعضَ أهل الجنة غَضّ إذا كانت نساء غيره أجدّ شباباً ، ولئلا تتفاوت نساء الواحد من المتقين في شرخ الشباب ، فيكون النعيم بالأقل شباباً دون النعيم بالأجدّ منهن . وتقدم الكلام على { وعندهم قاصرات الطرف عين } في سورة [ الصافات : 48 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وعندهم قاصرات الطرف} النظر عن الرجال لا ينظرن إلى غير أزواجهن؛ لأنهن عاشقات لأزواجهن.

{أتراب} مستويات على ميلاد واحد.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: عند هؤلاء المتقين الذين أكرمهم الله بما وصف في هذه الآية من إسكانهم جنات عدن "قاصِراتُ الطّرْفِ "يعني: نساء قصرت أطرافهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم، ولا يمددن أعينهن إلى سواهم... وقوله: "أتْرَابٌ" يعني: أسنان واحدة...عن مجاهد: "قاصِرَاتٌ الطّرْفِ أتْرابٌ" قال: أمثال... وقال بعضهم: متواخيات لا يتباغضن، ولا يتعادين، ولا يتغايرن، ولا يتحاسدن.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يخبر أنهم جميعا يكونون على حال واحدة لا يتغيرون ولا يهرمون ولا يكبرون، ولا يضعفون.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان الأكل والشرب داعيين إلى النساء لا سيما مع الراحة قال: {وعندهم} أي لهم من غير مفارقة أصلاً.

ولما كان سياق الامتنان مفهماً كثرة الممتن به لا سيما إذا كان من العظيم، أتى بجمع القلة مريداً به الكثرة؛ لأنه أشهر وأوضح وأرشق من "قواصر "المشترك بين جمع قاصر وقوصرة -بالتشديد والتخفيف- لوعاء التمر فقال: {قاصرات}.

ولما كن على خلق واحد في العفة وكمال الجمال وحد فقال: {الطرف} أي طرفهن لعفتهن وطرف أزواجهن لحسنهن.

ولما لم تنقص صيغة جمع القلة المعنى، لكونه في سياق المدح والامتنان، وكان يستعار للكثرة، أتى على نمط الفواصل بقوله: {أتراب} أي على سن واحد مع أزواجهن وهو الشباب، سمي القرين ترباً لمس التراب جلده وجلد قرينه في وقت واحد؛ لأن ذلك ادعى للتآلف فإن التحاب بين الأقران أشد وأثبت...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

يجوز أن يكون المعنى: أنهن يقصرن أطرافَ أزواجهن عليهن فلا تتوجه أنظار أزواجهن إلى غيرهن؛ اكتفاء منهم بحسنهن، وذلك كناية عن تمام حسنهن في أنظار أزواجهن؛ بحيث لا يتعلق استحسانهم بغيرهن، فالأطراف المقصورة أطراف أزواجهن، وإسناد {قاصرات} إليهن مجاز عقلي إذْ كان حسنهن سببَ قصْر أطراف الأزواج فإنهن ملابسات سَبب سَبَبِ القصر.

الظاهر أن {أتْرَابٌ} وصف قائم بجميع نساء الجنة من مخلوقاتِ الجنةِ ومن النساء اللاتي كنّ أزواجاً في الدنيا لأصحاب الجنة، فلا يكون بعضهن أحسن شباباً من بعض؛ فلا يلحق بعضَ أهل الجنة غَضّ إذا كانت نساء غيره أجدّ شباباً، ولئلا تتفاوت نساء الواحد من المتقين في شرخ الشباب، فيكون النعيم بالأقل شباباً دون النعيم بالأجدّ منهن...