جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ فَإِنِ اتّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتّىَ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } .

يقول تبارك وتعالى : قال العالم لموسى : فإن اتبعتني الاَن فلا تسألني عن شيء أعمله مما تستنكره ، فإني قد أعلمتك أني أعمل العمل على الغيب الذي لا تحيط به علما حتى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرا يقول : حتى أحدث أنا لك مما ترى من الأفعال التي أفعلها التي تستنكرها أذكرها لك وأبين لك شأنها ، وأبتدئك الخبر عنها ، كما :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس فَلا تَسأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حتى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرا يعني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

التاء في قوله : { فإن اتبعتني } تفريع على وعد موسى إياه بأنه يجده صابراً ، ففرع على ذلك نهيه عن السؤال عن شيء مما يشاهده من تصرفاته حتى يبينه له من تلقاء نفسه .

وأكد النهي بحرف التوكيد تحقيقاً لحصول أكمل أحوال المتعلم مع المعلم ، لأن السؤال قد يصادف وقت اشتغال المسؤول بإكمال عمله فتضيق له نفسه ، فربما كان الجواب عنه بدون شَرَهِ نفس ، وربما خالطه بعض القلق فيكون الجواب غير شاففٍ ، فأراد الخضر أن يتولى هو بيان أعماله في الإبان الذي يراه مناسباً ليكون البيان أبسط والإقبال أبهج فيزيد الاتصال بين القرينين .

والذكر ، هنا : ذكر اللسان . وتقدم عند قوله تعالى : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي } في سورة البقرة ( 40 ) . أعني بيان العلل والتوجيهات وكشف الغوامض .

وإحداث الذكر : إنشاؤه وإبرازه ، كقول ذي الرمة :

أحْدَتْنا لخالقهَا شُكراً

وقرأ نافع { فَلَا تَسْأَلَنِّي } بالهمز وبفتح اللام وتشديد النون على أنه مضارع سأل المهموز مقترناً بنون التوكيد الخفيفة المدغمة في نون الوقاية وبإثبات ياء المتكلم .

وقرأ ابن عامر مثله ، لكن بحذف ياء المتكلم . وقرأ البقية { تسألني } بالهمز وسكون اللام وتخفيف النون . وأثبتوا ياء المتكلم .