جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (57)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مّن جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيَ إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مّشْرِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فأخرجنا فرعون وقومه من بساتين وعيون ماء ، وكنوز ذهب وفضة ، ومقام كريم . قيل : إن ذلك المقام الكريم : المنابر . وقوله كَذلكَ يقول : هكذا أخرجناهم من ذلك كما وصفت لكم في هذه الاَية والتي قبلها وأوْرَثْناها يقول : وأورثنا تلك الجنات التي أخرجناهم منها والعيون والكنوز والمقام الكريم عنهم بهلاكهم بني إسرائيل . وقوله : فَأتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ فأتبع فرعون وأصحابه بني إسرائيل ، مشرقين حين أشرقت الشمس ، وقيل حين أصبحوا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثني أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَأتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ قال : خرج موسى ليلاً ، فكسف القمر وأظلمت الأرض ، وقال أصحابه : إن يوسف أخبرنا أنا سَننجي من فرعون ، وأخذ علينا العهد لنخرجنّ بعظامه معنا ، فخرج موسى ليلته يسأل عن قبره ، فوجد عجوزا بيتها على قبره ، فأخرجته له بحكمها ، وكان حكمها أو كلمة تشبه هذا ، أن قالت : احملني فأخرجني معك ، فجعل عظام يوسف في كسائه ، ثم حمل العجوز على كسائه ، فجعله على رقبته ، وخيل فرعون هي ملء أعنتها حضرا في أعينهم ، ولا تبرح ، حُبست عن موسى وأصحابه حتى تواروا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله فَأتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ قال : فرعون وأصحابه ، وخيل فرعون في مل أعنتها في رأي عيونهم ، ولا تبرح ، حبست عن موسى وأصحابه حتى تواروا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (57)

والضمير في قوله { فأخرجناهم } عائد على القبط ، و «الجنات والعيون » بحافتي النيل في أسوان إلى رشيد قال ابن عمرو وغيره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (57)

إن جريت على ما فسّر به المفسرون قولَه : { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين } [ الشعراء : 53 ] لزمك أن تجعل الفاء في قوله : { فأخرجناهم } لتفريع الخروج على إرسال الحاشرين ، أي ابتدأ بإرسال الحاشرين وأعقب ذلك بخروجه ، فالتعقيب الذي دلت عليه الفاء بحسب ما يناسب المدة التي بين إرسال الحاشرين وبين وصول الأنباء من أطراف المملكة بتعيين طريق بني إسرائيل إذ لا يخرج فرعون بجنده على وجهه ، غير عالم بطريقهم . وضمير النصب عائد إلى فرعون ومن معه مفهوماً من قوله : { إنكم متَّبَعون } [ الشعراء : 52 ] .

وإنْ جريت على ما فسرنا به قوله تعالى : { فأرسل فرعون } [ الشعراء : 53 ] ولا إخالك إلا منشرح الصدر لاختيار ذلك ، فلْتَجعَلْ الفاءَ في { فأخرجناهم } تفريعاً على جملة : { إنكم متَّبَعون } [ الشعراء : 52 ] . والتقدير : فأسرى موسى ببني إسرائيل فأخرجنا فرعون وجنده من بلادهم في طلب بني إسرائيل فاتَّبعوا بني إسرائيل .

وضمير : { أخرجناهم } على كل تقدير عائد إلى ما يفهم من المقام ، أي أخرجنا فرعون وجنده . والجنات : جنات النخيل التي كانت على ضفاف النيل . والعيون : منابع تحفر على خِلجان النيل . والكنوز : الأموال المدخرة .