التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَأَخۡرَجۡنَٰهُم مِّن جَنَّـٰتٖ وَعُيُونٖ} (57)

إن جريت على ما فسّر به المفسرون قولَه : { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين } [ الشعراء : 53 ] لزمك أن تجعل الفاء في قوله : { فأخرجناهم } لتفريع الخروج على إرسال الحاشرين ، أي ابتدأ بإرسال الحاشرين وأعقب ذلك بخروجه ، فالتعقيب الذي دلت عليه الفاء بحسب ما يناسب المدة التي بين إرسال الحاشرين وبين وصول الأنباء من أطراف المملكة بتعيين طريق بني إسرائيل إذ لا يخرج فرعون بجنده على وجهه ، غير عالم بطريقهم . وضمير النصب عائد إلى فرعون ومن معه مفهوماً من قوله : { إنكم متَّبَعون } [ الشعراء : 52 ] .

وإنْ جريت على ما فسرنا به قوله تعالى : { فأرسل فرعون } [ الشعراء : 53 ] ولا إخالك إلا منشرح الصدر لاختيار ذلك ، فلْتَجعَلْ الفاءَ في { فأخرجناهم } تفريعاً على جملة : { إنكم متَّبَعون } [ الشعراء : 52 ] . والتقدير : فأسرى موسى ببني إسرائيل فأخرجنا فرعون وجنده من بلادهم في طلب بني إسرائيل فاتَّبعوا بني إسرائيل .

وضمير : { أخرجناهم } على كل تقدير عائد إلى ما يفهم من المقام ، أي أخرجنا فرعون وجنده . والجنات : جنات النخيل التي كانت على ضفاف النيل . والعيون : منابع تحفر على خِلجان النيل . والكنوز : الأموال المدخرة .