التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَلَىٰ سُرُرٖ مَّوۡضُونَةٖ} (15)

ثم بين - سبحانه - ما أعده هؤلاء السابقين بالخيرات من عطاء كريم ، فقال : { على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } .

والسرر : جمع سرير ، وهو ما يستعمله الإنسان لنومه أو الاتكاء عليه فى جلسته .

والموضونة : أى المنسوجة بالذهب نسجا محكما ، لراحة الجالس عليها ولتكريمه ، يقال : وضن فان الغزل يضنه ، إذا نسجه نسجا متقنا جميلا .

أى : مستقرين على سرر قد نسجت أطرافها بالذهب وبما يشبهه ، نسجا بديعا يشرح الصدر . فقوله : { على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } حال من المقربين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{عَلَىٰ سُرُرٖ مَّوۡضُونَةٖ} (15)

وقرأ الجمهور : » سرُر «بضم الراء . وقرأ أبو السمال : » سرَر «بفتح الراء .

والموضونة : المنسوجة بتركيب بعض أجزائها على بعض كحلف الدرع ، فإن الدرع موضونة ، ومنه قول الأعشى : [ المتقارب ]

ومن نسج داود موضونة . . . تسير مع الحي عيراً فعيرا{[10888]}

وكذلك سفيفة الخوص ونحوه { موضونة } ، ومنه وضين الناقة وهو حزامها ، لأنه موضون ، فهو كقتيل وجريح ، ومنه قول الشاعر : [ الرجز ]

إليك تعدو قلقاً وضينها . . . معترضاً في بطنها جنينها

مخالفاً دين النصارى دينها . . . {[10889]}

قال ابن عباس : هذه السرر الموضونة هي المرمولة بالذهب{[10890]} ، وقال عكرمة : هي مشبكة بالدر والياقوت .


[10888]:البيت للأعشى بني قيس بن ثعلبة من قصيدة يمدح بها هوذة بن علي الحنفي، واستشهد به أبو عبيدة في مجاز القرآن، يقول الأعشى في بيت سابق على هذا: إنه أعد للحرب عدتها، ثم يستطرد في هذا البيت فيقول: وأعددت لها درعا موضونة، وهي التي نسجت نسجا مضاعفا تُحمل فوق الجمال عيرا من ورائها عير. وداود عليه السلام هو الذي علمه الله تعالى صناعة الدروع.
[10889]:الأبيات في التاج واللسان، والوضين: بطان عريض منسوج من سيور أو شعر، وسمت العرب وضين الناقة كذلك لأنه منسوج، والوضين بمعنى الموضون، وقد أنشد أبو عبيدة هذه الأبيات شاهدا على أن الوضين بمعنى الموضون، والكلام في الأبيات عن الناقة التي تعدو نحو الممدوح طمعا في خيره، ومعنى أن وضينها قلق أنها هزلت واتسع الوضين عليها فصار قلقا، قال صاحب اللسان عن البيت الأخير: أراد دينه هو لأن الناقة لا دين لها، وهذه الأبيات يُروى أن ابن عمر انشدها لما اندفع من جمع، ووردت في حديثه، وأخرج الطبراني في المعجم عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفات وهو يقول: إليك تعدو قلقا وضينها".
[10890]:أي: مزينة بالذهب، يقال: رمل السرير بمعنى: زينه بالذهب.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{عَلَىٰ سُرُرٖ مَّوۡضُونَةٖ} (15)

الجار والمجرور خبر ثالث عن { أولئك المقربون } [ الواقعة : 11 ] أو حال ثانية من اسم الإِشارة . وهذا تبشير ببعض ما لهم من النعيم مما تشتاق إليه النفوس في هذه الحياة الدنيا لتشويقهم إلى هذا المصير فيسعوا لنواله بصالح الأعمال ، وليس الاقتصار على المذكور هنا بمقتض حصر النعيم فيما ذكر فقد قال الله تعالى : { وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين } [ الزخرف : 71 ] .

والسُرر : جمع سرير ، وهو كرسي طويل متسع يجلس عليه المتكىء والمضطجع ، له سُوق أربع مرتفع على الأرض بنحو ذراع يُتخذ من مختلف الأعواد ويتخذه الملوك من ذهب ومن فضة ومن عاج ومن نفيس العود كالأبنوس ويتخذه العظماء المترفهون من الحديد الصرف ومن الحديد الملون أو المزين بالذهب . والسرير مجلس العظماء والملوك . وتقدم في قوله تعالى : { على سرر متقابلين } في سورة الصافات ( 44 ) .

والموضونة : المسبوك بعضها ببعض كما تسبك حلق الدروع وإنما توضن سطوحها وهي ما بين سوقها الأربع حيث تلقى عليها الطنافس أو الزرابي للجلوس والاضطجاععِ ليكون ذلك المَفْرَش وثيراً فلا يؤلم المضطجع ولا الجالس . وفسر بعضهم موضونة } بمرمولة ، أي منسوجة بقضبان الذهب .