التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا نِعۡمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (57)

ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما قاله ذلك الرجل المؤمن لقرينه فى الدنيا بعد أن رآه فى وسط الجحيم فيقول : { قَالَ تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ . وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ المحضرين } .

وقوله : { تالله } قسم فيه معنى التعجب ، و { إن } مخففة من الثقيلة . واللام فى قوله : { لَتُرْدِينِ } هى الفارقة بين إن المخففة والنافية ، والجملة جواب القسم ، وتردين : أى تهلكنى يقال : أردى فلان فلانا إذا أهلكه . ورَدِىَ فلان - من باب رَضِىَ - إذا هلك .

و { المحضرين } من الإحضار ، يقال : أُحْضِر المجرم ليلقى جزاءه ، وهذا اللفظ يستعمل عند الإِطلاق فى الشر ، إذ يدل على السوق مع الإِكراه والقسر .

أى : قال الرجل المؤمن لقرينه الملقى فى وسط جهنم ، وحق الله - تعالى - لقد كدت أيها القرين أن تهلكنى بصدك إياى عن الإِيمان بالبعث والحساب ولولا نعمة ربى علىّ ، حيث عصمنى من طاعتك ، ووفقنى للإِيمان . . لكنت اليوم من الذين أحضروا للعذاب مثلك ومثل أشباهك ، ولساقنى ملائكة العذاب إلى هذا المصير الأليم الذى أنت فيه اليوم ، فحمدا لله - تعالى - على الإِيمان والهداية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا نِعۡمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (57)

ورفع { نعمةُ ربي } بالابتداء وهو إعراب ما كان بعد { لولا } عند سيبويه والخبر محذوف تقديره تداركته ونحوه ، و { المحضرين } معناه في العذاب{[9861]} .


[9861]:قال الفراء: معناه: لكنت معك في النار محضرا، وقال الماوردي:"أحضر لا تستعمل مطلقا إلا في الشر"، قال الله تعالى:{وإن كل لما جميع لدينا محضرون}، وقال:{ في العذاب محضرون }، وقال:{شرب محتضر} وهذا يؤيد كلام الماوردي.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَوۡلَا نِعۡمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (57)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

لولا ما أنعم الله علي بالإسلام {لكنت من المحضرين} النار.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَلَوْلا نَعْمَةُ رَبّي لَكُنْتُ مِنَ المُحْضَرِينَ" يقول: ولولا أن الله أنعم عليّ بهدايته، والتوفيق للإيمان بالبعث بعد الموت، لكنتُ من المحضَرِين معك في عذاب الله... عن السديّ، قوله: "لَكُنْتُ مِنَ المُحْضَرِينَ "قال: من المعذّبين.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي}: عصمته ورحمته.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{نِعْمَةُ رَبّي}...إنعام الله بالثواب وكونه من أهل الجنة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ولولا نعمة ربي} أي المحسن إليّ بما رباني به من تثبيتي عن أتباعك والتجاوز عني في مخالطتك.

{لكنت} كوناً ثابتاً {من المحضرين} أي المكرهين على حضور هذا الموطن الضنك الذي أنت فيه. فيالله ما أعظم إحسان هذه الآية في التنفير من العشرة لقرناء السوء لأنها شديدة الخطر قبيحة الأثر، ولقد أبان نظره هذا عن أنه لم يكن أعلى لذة مما كان فيه فليس بأدنى منه، فإنه لا شيء ألذ من رؤية العدو الماكر الذي طالما أحرق الأكباد وشوش الأفكار، في مثل دلك من الإنكار، وعظائم الأكدار، من غمرات النار.