نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَوۡلَا نِعۡمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِينَ} (57)

ولما ذكر سوء ما كان يأتي إليه ، ذكر حسن أثر الله سبحانه عنده ، فقال لافتاً الكلام إلى صفة الإحسان لأنه مقامه : { ولولا نعمة ربي } أي المحسن إليّ بما رباني به من تثبيتي عن أتباعك والتجاوز عني في مخالطتك { لكنت } كوناً ثابتاً { من المحضرين * } أي المكرهين على حضور هذا الموطن الضنك الذي أنت فيه ، فيالله ما أعظم إحسان هذه الآية في التنفير من العشرة لقرناء السوء لأنها شديدة الخطر قبيحة الأثر ، ولقد أبان نظره هذا عن أنه لم يكن أعلى لذة مما كان فيه فليس بأدنى منه ، فإنه لا شيء ألذ من رؤية العدو الماكر الذي طالما أحرق الأكباد وشوش الأفكار ، في مثل دلك من الإنكار ، وعظائم الأكدار ، من غمرات النار .