التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بتسلية أخرى له صلى الله عليه وسلم ، وبإرشاده إلى ما يزيل همه . ويشرح صدره ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ الساجدين واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين } .

وضيق الصدر : كناية عن كدر النفس ، وتعرضها للهموم والأحزان .

أى : ولقد نعلم - أيها الرسول الكريم - أن أقوال المشركين الباطلة فيك وفيما جئت به من عندنا ، تحزن نفسك ، وتكدر خاطرك .

وقال - سبحانه - { ولقد نعلم . . } بلام القسم وحرف التحقيق ، لتأكيد الخبر ، وإظهار مزيد من الاهتمام والعناية بالمخبر عنه صلى الله عليه وسلم في الحال والاستقبال .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

{ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون } من الشرك والطعن في القرآن والاستهزاء بك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

وقوله تعالى : { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون } آية تأنيس للنبي عليه السلام ، وتسلية عن أقوال المشركين وإن كانت مما يقلق ، وضيق الصدر يكون من امتلائه غيظاً بما يكره الإنسان .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} (97)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون}، حين قالوا: إنك ساحر، ومجنون، وكاهن، وحين قالوا: هذا دأبنا ودأبك.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولقد نعلم يا محمد أنك يضيق صدرك بما يقول هؤلاء المشركون من قومك من تكذيبهم إياك واستهزائهم بك وبما جئتهم به، وأن ذلك يُحْرِجك.

"فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ" يقول: فافزع فيما نابك من أمر تكرهه منهم إلى الشكر لله والثناء عليه والصلاة، يكفك الله من ذلك ما أهمّك. وهذا نحو الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه كان إذا حزَبَه أمر فَزِع إلى الصلاة».

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

...وما قالوا من الاقتسام والعضه والاستهزاء به وأنواع الأذى الذي كان منهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي نعلم ذلك، وهو محفوظ عندنا، نجزيهم على ذلك، فلا يضيقن صدرك بذلك. وهو على وجهين:

أحدهما: على التصبير على الأذى والتسلي عن ذلك وترك المكافآت لهم، والله أعلم، وكان يضيق صدره مرة لتركهم الإجابة له ومرة للأذى باللسان.

والثاني: على علم منا بما يكون منهم ومن ضيق صدرك بذلك. لكن أنشأناهم، ووكلناهم على علم منا بذلك امتحانا منا إياك بذلك وإياهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بِمَا يَقُولُونَ} من أقاويل الطاعنين فيك وفي القرآن.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

...وضيق الصدر يكون من امتلائه غيظاً بما يكره الإنسان.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى لما ذكر أن قومه يسفهون عليه ولا سيما أولئك المقتسمون وأولئك المستهزئون قال له: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} لأن الجبلة البشرية والمزاج الإنساني يقتضي ذلك...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان صدعه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك على حد من المشقة عظيم وإن أريح من المستهزئين لكثرة من بقي ممن هو على مثل رأيهم، قال يسليه ويسخي بنفسه فيه: {ولقد نعلم} أي تحقق وقوع علمنا على ما لنا من العظمة {أنك} أي على ما لك من الحلم وسعة البطان {يضيق صدرك} أي يوجد ضيقه ويتجدد {بما يقولون} عند صدعك لهم بما تؤمر، في حقك من قولهم: {يا أيها الذي نزل عليه الذكر} إلى آخره، وفي حق الذي أرسلك من الشرك والصاحبة والولد وغير ذلك...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

...وتحليةُ الجملة بالتأكيد لإفادة تحقيقِ ما تتضمنه من التسلية، وصيغةُ الاستقبال لإفادة استمرارِ العلم حسب استمرارِ متعلَّقه باستمرار ما يوجبه من أقوال الكفرة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

...والرسول [صلى الله عليه وسلم] بشر لا يملك نفسه أن يضيق صدره وهو يسمع الشرك بالله، ويسمع الاستهزاء بدعوة الحق. فيغار على الدعوة ويغار على الحق، ويضيق بالضلال والشرك.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لما كان الوعيد مؤذناً بإمهالهم قليلاً كما قال تعالى: {ومهّلهم قليلا} [سورة المزمل: 11] كما دلّ عليه حرف التنفيس في قوله تعالى: {فسوف يعلمون} [سورة الحجر: 96] طمأن الله نبيه بأنه مطّلع على تحرّجه من أذاهم وبهتانهم من أقوال الشرك وأقوال الاستهزاء فأمره بالثبات والتفويض إلى ربّه لأن الحكمة في إمهالهم، ولذلك افتتحت الجملة بلام القسم وحرف التحقيق. وليس المخاطب ممن يداخله الشكّ في خبر الله تعالى ولكن التحقيق كناية عن الاهتمام بالمخبر وأنه بمحل العناية من الله؛ فالجملة معطوفة على جملة {إنا كفيناك المستهزئين} أو حال. وضيق الصدر: مجاز عن كدر النفس. وقد تقدّم في قوله تعالى: {وضائق به صدرك} في سورة هود (12).

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

ولقد واسى الله تعالى رسوله، فقال: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون}.

إن محمدا صلى الله عليه وسلم بشر من البشر، قد كان يسمع باطلا، ويؤذى بالقول والاستهزاء، ويرمى عليه فرث جزور، فتنحي الفتاة الطاهرة فاطمة التي صارت سيدة نساء المؤمنين، فلا يتبرم بها، ويستمر طليق الوجه، ولكم صدره يضيق حرجا، والرجل الكامل وخصوصا أعظم الدعاة الحق يضيق صدره، ولا يتغير قوله أو عمله، ولقد قرر الله تعالى خالق الخلق ذلك فقال: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} عبر سبحانه عن ألم النفس، وضيقها بضيق الصدر كأن الصدر أصبح لا يتسع لمثل هذا القول الذي كانوا يقولونه من قولهم ساحر، ومن قولهم مجنون، ومن قولهم في القرآن إنه شعر، وإنه أساطير الأولين، ومن طلبهم خوارق غير القرآن، ومن عبادتهم الأوثان.

وقد أكد الله تعالى علمه بذلك ب (اللام) وب (قد)، وإن تأكيد علم الله بما يضيق به صدر نبيه الأمين تسرية لنفسه، وفيه كمال معاونته، وفيه مع كل هذا ما يفيد الإنذار للمشركين على ما يقولون ويفعلون ويعتقدون، فما دام علم ثانيا، فإنه يحق الحق، ويبطل الباطل، ويجزي كلا بما يفعل، وهو القوي المتين.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

...كأيّ إنسان يتأثر بالكلمة السيئة التي توجه إليه، وبالموقف الشرير الذي يتحدى الخير فيه، وبالمشاكل الصعبة التي تعترضه، ما يجعل الإنسان محاصراً بالتحديات من كل جهة، فيضيق صدره، وتثور مشاعره، وتتوتر أعصابه، إنها الحالة الطبيعية التي تحدث لكل بشر، والنبي بشر، ينفعل بما ينفعل به الآخرون، ولكن الفرق بينه وبينهم، هو أن الانفعال ينطلق في حياته من قاعدة الرسالة، بينما ينطلق في حياة الكثيرين من موقع الذات، وهذا ما يجعل من انفعاله في مواجهة التحديات، عنصراً رسالياً لا ينتج حالةً سلبيّةً في مستوى العقدة، بل ينتج حالةً روحيّةً مبتهلةً إلى الله، في مستوى الموقف، ولهذا رأينا الرسول، في المواقف الصعبة التي يضغط فيها أعداء الله عليه بالكلمة والموقف، يلجأ إلى الله في ابتهال المتضرع، وخشوع الخاضع، الذي يرجع إلى ربّه، ليستعين به على ذلك كله...