التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ} (40)

وكعادة القرآن الكريم في المقارنة بين مصير الأشرار ومصير الأخيار - ليهلك من هكل عن بينة ويحيا من حى عن بينة - أتبع - سبحانه - الحديث عن سوء عاقبة الكافرين - بالحديث عن حسن عاقبة المؤمنين ، فقال - تعالى - :

{ إِلاَّ عِبَادَ الله . . . } .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : { إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين } استثناء منقطع من ضمير { ذائقو } وما بينهما اعتراض جئبه مسارعة إلى تحقيق الحق . ببيان أن ذوقهم العذاب ليس إلا من جهتهم لا من جهة غيرهم أصلا . فإلا مؤولة بلكن .

فالمعنى : إنكم - أيها المشركون - لذائقو العذاب الأليم ، لكن عباد المخلصين - ليسو كذلك - أولئك لهم رزق معلوم . .

ولفظ { المخلصين } قرأه بعض القراء السبعة - بفتح اللام - أى : لكن عباد الله - تعالى - الذين أخلصهم الله - تعالى - لطاعته وتوحيده ليسوا كذلك .

وقرأه البعض الآخر بكسر اللام . أى : لكن عباد الله الذين أخلصوا له العبادة والطاعة ، لا يذوقون حر النار كالمشركين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ} (40)

{ إلا عباد الله المخلصين } استثناء منقطع إلا أن يكون الضمير في { تجزون } لجميع المكلفين فيكون استثناؤهم عنه باعتبار المماثلة ، فإن ثوابهم مضاعف والمنقطع أيضا بهذا الاعتبار .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ} (40)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم استثنى المؤمنين، فقال: {إلا عباد الله المخلصين} بالتوحيد لا يذوقون العذاب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إلاّ عِبادَ اللّهِ المُخْلَصِينَ" يقول: إلا عباد الله الذين أخلصهم يوم خلقهم لرحمته، وكتب لهم السعادة في أمّ الكتاب، فإنهم لا يذوقون العذاب، لأنهم أهل طاعة الله، وأهل الإيمان به.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

استثنى من جملة المخاطبين "عباد الله المخلصين "وهم الذين أخلصوا العبادة لله واطاعوه في كل ما أمرهم به، فإنهم لا يذوقون العذاب وإنما ينالون الثواب الجزيل...

.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

الاستثناء راجعٌ إلى قوله: {إنَّكُمْ لَذَآئِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ}، ويقال الإخلاصُ إفرادُ الحقِّ -سبحانه- بالعبودية، والذي يشوبُ عمله رياءٌ فليس بمخلص، ويقال: الإخلاص تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين... ويقال: الإخلاصُ فقدُ رؤية الأشخاص، ويقال: هو أن يلاحظ محل الاختصاص، ويقال: هو أن تنظر إلى نفسك بعين الانتقاص...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

لما ذكر شيئاً من أحوال الكفار وعذابهم، ذكر شيئاً من أحوال المؤمنين ونعيمهم.

{المخلصين}: صفة مدح، لأن كونهم عباد الله، يلزم منه أن يكونوا مخلصين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إلا عباد الله} فرغبهم بوصف العبودية الذي لا أعز منه، وأضافهم زيادة في الاستعطاف إلى الاسم الأعظم الدال على جميع صفات الكمال، وزاد رغباً بالوصف الذي لا وصف أجلّ منه فقال: {المخلصين}.

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

لكن الذين أخلصهم الله لعبادته ليسوا كذلك، أو هم منعمون.

وعباد الله المخلصون يجزون بالحسنة عشراً فصاعداً، ويجزون ما لم يعملوا من الخير، وقد نووه بصدق.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

فإنهم غير ذائقي العذاب الأليم، لأنهم أخلصوا للّه الأعمال، فأخلصهم، واختصهم برحمته، وجاد عليهم بلطفه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{المُخلَصين} صفة عباد الله؛ وهو بفتح اللام إذا أريد الذين أخلصهم الله لولايته، وبكسرها أي الذين أخلصوا دينهم لله.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

آخر آية في هذا البحث، والتي هي في الحقيقة مقدّمة للبحث المقبل، تستثني مجموعة من العذاب: وهي مجموعة عباد الله المخلصين (إلاّ عباد الله المخلصين).

وكلمة (عباد الله) يمكنها لوحدها أن تبيّن ارتباط هذه المجموعة بالله سبحانه وتعالى، وعندما تضاف إليها كلمة (مخلصين) فإنّها تعطي لتلك الكلمة عمقاً وحياةً، و «مخلَص» (بفتح اللام) جاءت بصيغة اسم مفعول، وتعني الشخص الذي أخلصه الله سبحانه وتعالى لنفسه، أخلصه من كلّ أشكال الشرك والرياء ومن وساوس الشياطين وهوى النفس.

نعم فهذه المجموعة لا تحاسب على أعمالها، وإنّما يعاملها الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه، ويمنحها من الثواب بغير حساب.

فمقام المخلَصين لا يناله إلاّ من انتصر في الجهاد الأكبر، وشمله اللطف الإلهي بإزالة كلّ شيء غير خالص من وجوده، ولا تبقى فيه سوى النفس الطاهرة الخالصة كالذهب الخالص عند إذابتها في أفران الحوادث والاختبار. وهنا فإنّ مكافأتهم لا تتمّ وفق معيار أعمالهم، وإنّما معيار مكافأتهم هو الفضل والرحمة الإلهيّة.