التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا} (5)

ثم قال - تعالى - : { والسمآء وَمَا بَنَاهَا } أى : وحق السماء وحق من بناها وأنشأها وأوجدها على تلك الصورة البديعة الرائعة .

فما هنا اسم موصول بمعنى مَنْ ، والمراد بمن بناها : الله - عز وجل - وأوثرت على مَنْ التى تأتى للعاقل كثيرا ، لإِشعارها معنى الوصفية . أى : وحق السماء ، وحق القادر العظيم الذى بناها وأوجدها على هذه الهيئة الجميلة الدقيقة .

وقد أشار إلى ذلك صاحب الكشاف فقال : و الوجه أن تكون " ما " موصولة - أى : فى هذه الآية وما بعدها - وإنما أوثرت على مَنْ لإِرادة معنى الوصفية ، كأنه قيل : والسماء والقادر العظيم الذى بناها .

ومنهم من يرى أن " ما " هنا مصدرية ، فيكون المعنى : وحق السماء وبنيانها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا} (5)

وقوله : { وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا } يحتمل أن تكون " ما " هاهنا مصدرية ، بمعنى : والسماء وبنائها . وهو قول قتادة ، ويحتمل أن تكون بمعنى " مَن " يعني : والسماء وبانيها . وهو قول مجاهد ، وكلاهما متلازم ، والبناء هو الرفع ، كقوله : { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } أي : بقوة { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ } [ الذاريات : 47 ، 48 ] .

وهكذا قوله : { وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا} (5)

وبناء السماء تشبيهٌ لرفعها فوق الأرض بالبناء . والسماء آفاق الكواكب قال تعالى : { لقد خلقنا فوقكم سبعَ طرائق } [ المؤمنون : 17 ] وتقييد القسم بالليل بوقت تغشيته تذكيراً بالعبرة بحدوث حالة الظلمة بعد حالة النور .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني وبالذي بناها...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول جلّ ثناؤه : والسماء ومَنْ بناها ، يعني : ومَنْ خلَقها ، وبناؤه إياها، تصييره إياها للأرض سقفا . وقيل : "وَما بَناها" وهو جلّ ثناؤه بانيها .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال أبو بكر الأصم : إن هذه الآيات في قوله { والسماء وما بناها } { والأرض وما طحاها } { ونفس وما سواها } تخرج على التعجيب ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ما الفائدة في قوله : { والسماء وما بناها } ؟

( الجواب ) : أنه سبحانه لما وصف الشمس بالصفات الأربعة الدالة على عظمتها ، أتبعه ببيان ما يدل على حدوثها وحدوث جميع الأجرام السماوية ، فنبه بهذه الآية على تلك الدلالة ، وذلك لأن الشمس والسماء متناهية ، وكل متناه فإنه مختص بمقدار معين . مع أنه كان يجوز في العقل وجود ما هو أعظم منه ، وما هو أصغر منه ، فاختصاص الشمس وسائر السماويات بالمقدار المعين ، لابد وأن يكون لتقدير مقدر وتدبير مدبر ، وكما أن باني البيت يبنيه بحسب مشيئته ، فكذا مدبر الشمس وسائر السماويات قدرها بحسب مشيئته ، فقوله : { وما بناها } كالتنبيه على هذه الدقيقة الدالة على حدوث الشمس وسائر السماويات .

لم قال : { وما بناها } ولم يقل : ومن بناها ؟

( الجواب ) : من وجهين؛

( الأول ) : أن المراد هو الإشارة إلى الوصفية ، كأنه قيل : والسماء وذلك الشيء العظيم القادر الذي بناها ، ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها.

( والثاني ) : أن ما تستعمل في موضع من كقوله : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } والاعتماد على الأول ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ والسماء } أي التي هي محل ذلك كله ومجلاه كما أن الأبدان محل النفوس ، والنفوس مركب العقول.... { وما بناها } أي هذا البناء المحكم الذي ركب فيه ما ذكره إشارة إلى ما وراءه مما يعجز الوصف . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فأما حقيقة السماء فلا ندريها . وهذا الذي نراه فوقنا متماسكا لا يختل ولا يضطرب تتحقق فيه صفة البناء بثباته وتماسكه . أما كيف هو مبني ، وما الذي يمسك أجزاءه فلا تتناثر وهو سابح في الفضاء الذي لا نعرف له أولا ولا آخرا . . فذلك ما لا ندريه . وكل ما قيل عنه مجرد نظريات قابلة للنقض والتعديل . ولا قرار لها ولا ثبات . . إنما نوقن من وراء كل شيء أن يد الله هي تمسك هذا البناء : ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا . ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ) . . وهذا هو العلم المستيقن الوحيد ! ...