التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمًا عَالِينَ} (46)

وكان هذا الإرسال منا لموسى وهارون إلى فرعون وملئه ، أى : وجهاء قومه وزعمائهم الذين يتبعهم غيرهم .

{ فاستكبروا } جميعاً عن الاستماع إلى دعوة موسى وهارون - عليهما السلام - ، { وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } أى ؛ مغرورين متكبرين ، مسرفين فى البغى والعدوان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمًا عَالِينَ} (46)

يخبر تعالى أنه بعث رسوله موسى ، عليه السلام ، وأخاه هارون إلى فرعون وملئه ، بالآيات والحجج الدامغات ، والبراهين القاطعات ، وأن فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما ، والانقياد لأمرهما ، لكونهما بَشرين كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر ، تشابهت قلوبهم ، فأهلك الله فرعون وملأه ، وأغرقهم في يوم واحد أجمعين ، وأنزل على موسى الكتاب - وهو التوراة - فيها أحكامه وأوامره ونواهيه ، وذلك بعد ما قصم الله فرعون والقبط ، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر ؛ وبعد أن أنزل الله التوراة لم يهلك أمة بعامة ، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 43 ] .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمًا عَالِينَ} (46)

ملأ فرعون : أهل مجلسه وعلماء دينه وهم السحرة . وإنما جعل الإرسال إليهم دون بقية أمة القبط لأن دعوة موسى وأخيه إنما كانت خطابا لفرعون وأهل دولته الذين بيدهم تصريف أمور الأمة لتحرير بني إسرائيل من استعبادهم إياهم قال تعالى : { فاتِياه فَقُولا إنَّا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم } [ طه : 47 ] . ولم يرسلا بشريعة إلى القبط . وأما الدعوة إلى التوحيد فمقدمة لإثبات الرسالة لهم .

وعطف { فاستكبروا } بفاء التعقيب يفيد أنهم لم يتأملوا الدعوة والآيات والحجة ولكنهم أفرطوا في الكبرياء ، فالسين والتاء للتوكيد ، أي تكبروا كبرياء شديدة بحيث لم يعيروا آيات موسى وحجته أذناً صاغية .

وجملة { وكانوا قوماً عالين } معترضة بين فعل { استكبروا } وما تفرع عليه من قوله { فقالوا } في موضع الحال من فرعون وملئه ، أي فاستكبروا بأن أعرضوا عن استجابة دعوة موسى وهارون وشأنهم الكبرياء والعلو ، أي كان الكبر خلقهم وسجيتهم . وقد بينا عند قوله تعالى : { لآياتتٍ لقوم يعقلون } في سورة البقرة ( 164 ) أن إجراء وصف على لفظ ( قوم ) أو الإخبار بلفظ ( قوم ) متبوع باسم فاعل إنما يقصد منه تمكن ذلك الوصف من الموصوف بلفظ ( قوم ) أو تمكنه من أولئك القوم . فالمعنى هنا : أن استكبارهم على تلقي دعوة موسى وآياته وحجته إنما نشأ عن سجيتهم من الكبر وتطبعهم . فالعلو بمعنى التكبر والجبروت . وسيجيء بيانه عند قوله : { إن فرعون علا في الأرض } في سورة القصص ( 4 ) .