مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمًا عَالِينَ} (46)

ثم إنه سبحانه حكى عن فرعون وقومه صفتهم ثم ذكر شبهتهم ؛ أما صفتهم فأمران أحدهما : الاستكبار والأنفة . والثاني : أنهم كانوا قوما عالين أي رفيعي الحال في أمور الدنيا .

ويحتمل الاقتدار بالكثرة والقوة وأما شبهتهم فهي قولهم : { أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون } قال صاحب الكشاف لم يقل مثلينا كما قال : { إنكم إذا مثلهم } ولم يقل أمثالهم وقال : { كنتم خير أمة } ولم يقل أخيار أمة كل ذلك لأن الإيجاز أحب إلى العرب من الإكثار .

والشبهة مبنية على أمرين : أحدهما : كونهما من البشر وقد تقدم الجواب عنه . والثاني : أن قوم موسى وهرون كانوا كالخدم والعبيد لهم قال أبو عبيدة العرب تسمي كل من دان لملك عابدا له ويحتمل أن يقال إنه كان يدعي الإلهية فادعى أن الناس عباده وأن طاعتهم له عبادة على الحقيقة .