التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (7)

ثم هدد - تعالى - هؤلاء المشركين بقوله : { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } .

والويل : لفظ يدل على الشر أو الهلاك . وهو مصدر لا فعل له من لفظه ، وقد يستعمل بدون حرف النداء كما هنا ، وقد يستعمل معه كما في قوله - تعالى - : { ياويلنا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } والأفاك : هو الإِنسان الكثير الإِفك وهو أشنع الكذب وأقبحه .

والأثيم : هو الإِنسان المرتكب للذنوب والآثام بقلبه وجوارحه ، فهو سيء الظاهر وسيء الباطن .

أي : هلاك وعذاب وحسرة يوم القيامة لكل إنسان ينطق بأقبح الأكاذيب ويفعل أسوأ السيئات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (7)

ثم قال : { وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } أي : أفاك في قوله كذاب ، حلاف مهين أثيم في فعله وقيله{[26305]} كافر بآيات الله ؛ ولهذا قال : { يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ }


[26305]:- (1) في ت، أ: "وقلبه".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (7)

الويل في كلام العرب : المصائب والحزن والشدة من هذه المعاني ، وهي لفظة تستعمل في الدعاء على الإنسان . وروي في بعض الآثار أن في جهنم وادياً اسمه : { ويل }{[10260]} ، وذهب الطبري إلى أنه المراد بالآية ، ومقتضى اللغة أنه الدعاء على أهل الإفك والإثم بالمعاني المتقدمة . والأفاك : الكذاب الذي يقع منه الإفك مراراً . والأثيم : بناء مبالغة ، اسم فاعل من أثم يأثم .

وروي أن سبب هذه الآية أبو جهل ، وقيل النضر بن الحارث ، والصواب أن سببها ما كان المذكوران وغيرهما يفعل ، وأنها تعم كل من دخل تحت الأوصاف المذكورة إلى يوم القيامة .


[10260]:أخرجه الترمذي في تفسير سورة الأنبياء، وأحمد في مسنده(3-75)، ولفظه كما في المسند: عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره، والصَّعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا يهوي به كذلك فيه أبدا).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (7)

أعقب ذكر المؤمنين الموقنين العَاقلين المنتفعين بدلالة آيات الله وما يفيده مفهوم تلك الصفات التي أجريت عليهم من تعريض بالذين لم ينتفعوا بها ، بصريح ذكر أولئك الذين لم يؤمنوا ولم يعقلوها كما وصف لذلك قوله : { فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون } [ الجاثية : 6 ] .

وافتتح ذكره بالويل له تعجيلاً لإنذاره وتهديده قبل ذكر حاله . و ( ويل له ) كلمة دعاء بالشكر وأصل الويل الشر وحلوله .

و ( الأفَّاك ) القويّ الإفك ، أي الكذب . والأثيم مبالغة أو صفة مشبهة وهو يدل على المبالغ في اقتراف الآثام ، أي الخطايا . وفسره الفيروزآبادي في « القاموس » بالكذّاب وهو تسامح وإنما الكذب جزئي من جزئيات الأثيم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَيۡلٞ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ} (7)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ويل لكل أفاك} يعني كذاب.

{أثيم} يقول آثم بربه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: الوادي السائل من صديد أهل جهنم، لكلّ كذّاب ذي إثم بربه، مفتر عليه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

الأفّاك هو المصروف عن اتّباع ما توجب الحكمة اتّباعه...

والأثيم هو الذي اعتاد الإثم، وهو أكثر من الآثم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

الأفاك: الكذاب، ويطلق ذلك على من يكثر كذبه أو يعظم كذبه؛ وإن كان في خبر واحد، ككذب مسيلمة في ادعاء النبوة.

والأثيم: ذو الإثم، وهو صاحب المعصية التي يستحق بها العقاب...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

مقتضى اللغة أنه الدعاء على أهل الإفك والإثم بالمعاني المتقدمة.

والأفاك: الكذاب الذي يقع منه الإفك مراراً.

والأثيم: بناء مبالغة، اسم فاعل من أثم يأثم...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى لما بين الآيات للكفار وبين أنهم بأي حديث يؤمنون إذا لم يؤمنوا بها مع ظهورها، أتبعه بوعيد عظيم لهم فقال: {ويل لكل أفاك أثيم}.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

قيل: نزلت في أبي جهل؛ وقيل: في النضير بن الحارث وما كان يشتري من أحاديث الأعاجم ويشغل بها الناس عن استماع القرآن. والآية عامة فيمن كان مضاراً لدين الله.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان لا يبقى على الكفر نوع بقاء فضلاً عن الإصرار بعد هذا البيان إلا من يستحق النكال لمجاهرته بالعناد، قال على وجه الاستنتاج مهدداً: {ويل} أي مكان معروف في جهنم {لكل أفاك} أي مبالغ في صرف الحق عن وجهه {أثيم} أي مبالغ في اكتساب الإثم وهو الذنب، وعمل ما لا يحل مما يوجب العقاب، وفسر هذا بقوله: {يسمع آيات الله}.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

افتتح ذكره بالويل له تعجيلاً لإنذاره وتهديده قبل ذكر حاله.

و (ويل له) كلمة دعاء بالشر وأصل الويل الشر وحلوله.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

كلمة (ويل) قالوا: وَادٍ في جهنم، أو هلاك لا مفرَّ منه ولا نجاة، وكلمة الويل تختلف حَسب قائلها المنذِر بها، فحين يقول لك واحد مثلك: ويلٌ لك. تتوقع أن يكون الويل على قدره، ويتناسب مع قدرته عليك، وتمكّنه من تنفيذ ما هدَّدك به من بطشه وفتكه.

فإذا كان المتكلم بذلك التهديد هو الحق سبحانه فهمنا أنه هلاكٌ مُحتَّم لا قِبَلَ لأحد به، ويل كبير لا يُردُّ ولا يُدفع.

فلمَن هذا التهديد؟ {لِّكُلِّ أَفَّاكٍ..} الأفَّاك من الإفك، وهو قَلْب الشيء على وجهه أو قلْب الحقائق عَمْداً، ومن ذلك قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ} [النجم: 53] وهي القرى التي قَلَبها الله تعالى رأساً على عقب وجعل أعلاها سافلها.

ومن ذلك أيضاً قصة الإفك في حَقِّ السيدة عائشة {إِنَّ الَّذِينَ جَآءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ..} [النور: 11] إذن: الإفك هو أفظع أنواع الكذب؛ لأنه كذب متعمد يصرف الناسَ عن الحق إلى الباطل.

وهو لا يضر واحداً، إنما يقع ضرره على جَمْع من الناس فشرُّه يتعدَّى ويلزمه عقوبة تناسب هذا التعدِّي على الخَلْق، لذلك ساعة تسمع كلمة (ويل) فاعلم أنها لذنب كبير.

وكلمة {أَفَّاكٍ..} صيغة مبالغة على وزن فعَّال، ولو كذب مرة واحدة لكان (آفِك) إنما تكرر منه هذا الذنب حتى بالغ فيه ومثله في المبالغة {أَثِيمٍ} يعني: كثير الإثم. فهي صيغة مبالغة أيضاً على وزن فعيل. أي: مُبالغ في الآثام.