التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

ولكن نوحا - عليه السلام - لم يخرجه هذا التحدى عن سمته الكريم ، ولم يعقده عناد قومه عن مداومة النصح لهم ، وإرشادهم إلى الحقيقة التى ضلوا عنها ، فقد رد عليهم بقوله { إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ الله إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } .

أى : إنما يأتيكم بهذا العذاب الذى تستعجلونه الله - تعالى - وحده ، إن شاء ذلك ، لأنه هو الذى يملكه { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } أى : وما أنتم بمستطيعين الهروب من عذابه متى اقتضت مشيئته - سبحانه - إنزاله لكم ، لأنه - تعالى - لا يعجزه شئ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

يقول تعالى مخبرًا عن استعجال قوم نوح نقمة الله وعذابه وسخطه ، والبلاء موكل بالمنطق : { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } أي : حاججتنا فأكثرت من ذلك ، ونحن لا نتبعك { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } أي : من النقمة والعذاب ، ادع علينا بما شئت ، فليأتنا ما تدعو به{[14577]} ، { إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } أي : إنما الذي يعاقبكم ويعجلها لكم الله الذي لا يُعجِزُه شيء


[14577]:- في ت : "من تدعونه" ، وفي أ : "بدعوته".

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

المعنى : ليس ذلك بيدي ولا إليَّ توفيته ، وإنما ذلك بيد الله وهو الآتي به إن شاء وإذا شاء ، ولستم من المنعة بحال من يفلت أو يعصتم بمنج ، وإنما في قبضة القدرة وتحت ذلة المتملك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (33)

القصر في قوله : { إنما يأتيكم به الله إن شاء } قصر قلب بناء على ظاهر طلبهم ، حملاً لكلامهم على ظاهره على طريقة مجاراة الخصم في المناظرة ، وإلاّ فإنهم جازمون بتعذّر أن يأتيهم بما وعدهم لأنهم يحسبونه كاذباً وهم جازمون بأنّ الله لم يتوعدهم ، ولعلّهم كانوا لا يؤمنون بوجود الله . وقوله : { إن شاء } احتراس راجع إلى حمل العذاب على عذاب الدنيا .

ومعنى { وما أنتم بمعجزين } ما أنتم بناجين وفالتين من الوعيد ، يريد أن العذاب واقع لا محالة . ولعل نوحاً عليه السّلام لم يكن له وحي من الله بأن يحلّ بهم عذاب الدنيا ، فلذلك فوّضه إلى المشيئة ؛ أو لعلّه كان يوقن بنزوله بهم فيكون التعليق ب { إن شاء } منظوراً فيه إلى كون العذاب معجلاً أو مؤخراً .