{ إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ } أى : إن هؤلاء الشياطين عن سماع القرآن الكريم لمعزولون عزلا تاما . فالشهب تحرقهم إذا ما حاولوا الاستماع إليه . كما قال - تعالى - : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السمآء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } فأنت ترى أن الله - تعالى - قد صان كتابه عن الشياطين ، بأن بيَّن بأنهم ما نزلوا به ، ثم بيَّن - ثانيا أنهم ما يستقيم لهم النزول به لأن ما اشتمل عليه من هدايات يخالف طبيعتهم الشريرة ، ثم بين ثالثا - بأنهم حتى لو حاولوا ما يخالف طبيعتهم لما استطاعوا ، ثم بين - رابعا - بأنه حتى لو انبغى واستطاعوا حمله ، لما وصلوا إلى ذلك ، لأنهم بمعزل عن الاستماع إليه ، إذ ما يوحى به - سبحانه - إلى أنبيائه ، فالشياطين محجوبون عن سماعه ، وهكذا صان الله - تعالى - كتابه صيانة تامة . وحفظه حفظا جعله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
ثم بين أنه لو انبغى{[1]} لهم واستطاعوا حمله وتأديته ، لما وصلوا إلى ذلك ؛ لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله ؛ لأن السماء ملئت حرسًا شديدًا وشهبا في مُدّة إنزال القرآن على رسوله ، فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه ، لئلا يشتبه الأمر . وهذا من رحمة الله بعباده ، وحفظه لشرعه ، وتأييده لكتابه ولرسوله ؛ ولهذا قال : { إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } ،
كما قال تعالى مخبرًا عن الجن : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا * وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } [ الجن : 8 - 10 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.