ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذا التعجيب من أحوالهم التى بلغت النهاية فى القبح والجحود والعناد فقال - تعالى - : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } .
والفاء للإِفصاح ، أى : إذا كانوا لم يؤمنوا بهذا القرآن المشتمل على أسمى أنواع الهدايات وأحكمها وأوضحها . . فبأى حديث بعد القرآن يؤمنون ؟ إنه من المستبعد إيمانهم بعد ن أعرضوا عن كل الحجج التى تهدى إلى الإِيمان ، فالاستفهام فى قوله : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ . . . } مستعمل فى الإِنكار التعجيبى من حالهم ، والمضير فى " بعده " يعود إلى القرآن ، وهو وإن لم يسبق له ذكر ، فإنه ملحوظ فى أذهانهم ، إذ فى كل وقت يذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم به .
وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } .
ثم قال : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } ؟ أي : إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن ، فبأي كلام يؤمنون به ؟ ! كقوله تعالى : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ } [ الجاثية : 6 ] .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية : سمعت رجلا أعرابيا بَدَويا يقول : سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ : { وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا } فقرأ : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } ؟ فليقل : آمنت بالله وبما أنزل .
وقد تقدم هذا الحديث في سورة " القيامة " {[29638]} .
آخر تفسير سورة " والمرسلات " [ ولله الحمد والمنة ]{[29639]}
القول في تأويل قوله تعالى : { فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } .
يقول تعالى ذكره : فبأيّ حديث بعد هذا القرآن ، أي أنتم أيها القوم كذّبتم به مع وضوح برهانه ، وصحة دلائله ، أنه حقّ من عند الله تؤمنون ، يقول : تصدّقون .
وإنما أعلمهم تعالى ذكره أنهم إن لم يصدّقوا بهذه الأخبار التي أخبرهم بها في هذا القرآن مع صحة حججه على حقيقته لم يمكنهم الإقرار بحقيقة شيء من الأخبار التي لم يشاهدوا المخبرَ عنه ، ولم يعاينوه ، وأنهم إن صدّقوا بشيء مما غاب عنهم لدليل قام عليه لزمهم مثل ذلك في أخبار هذا القرآن ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.