التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَـَٔابٖ} (55)

{ هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } : اسم الإِشارة خبر لمبتدأ محذوف . أى الأمر هذا ، أو مبتدأ محذوف الخبر هذا للمؤمنين . وجملة { وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } معطوفة على جملة " هذا " على التقديرين .

أى : الأمر كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم - بالنسبة للمتقين ، أما الطاغون الذين تجاوزوا الحدود فى الكفر والجحود والإعراض عن الحق ، فإن مرجعهم إلينا سيكون شر مرجع ، بسبب إصرارهم على كفرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَـَٔابٖ} (55)

وأما الآخرون فلهم مهاد . ولكن لا راحة فيه . إنه جهنم ( فبئس المهاد ) ! ولهم فيه شراب ساخن وطعام مقيىء . إنه ما يغسق ويسيل من أهل النار ! أو لهم صنوف أخرى من جنس هذا العذاب . يعبر عنها بأنها( أزواج ) !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَـَٔابٖ} (55)

اسم الإِشارة { هذا } مستعمل في الانتقال من غرض إلى غرض تنهية للغرض الذي قبله . والقول فيه كالقول في { هذا ذِكرٌ وإنَّ للمتقين لحُسنَ مئَابٍ } [ ص : 49 ] . والتقدير : هذا شأن المتقين ، أو هذا الشأن ، أو هذا كما ذُكر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَـَٔابٖ} (55)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم ذكر الكفار فقال سبحانه: {هذا وإن للطاغين لشر مآب} بئس المرجع.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله:"هَذَا" الذي وصفت لهؤلاء المتقين: ثم استأنف جلّ وعزّ الخبر عن الكافرين به الذين طَغَوا عليه وبَغَوا، فقال: "وإنّ للطّاغِينَ "وهم الذين تمّردوا على ربهم، فعَصَوا أمره مع إحسانه إليهم، "لَشَرّ مآبٍ" يقول: لشرّ مرجع ومصير يصيرون إليه في الآخرة بعد خروجهم من الدنيا... عن السديّ: "وَإنّ للطّاغِينَ لَشرّ مآبٍ" قال: لشرّ مُنْقَلَبٍ.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

الطغيان يرجع إلى وجوه، إلا أن أصله هو الذي لا يجتنب المهالك، ولا يتقيها. والمتقي هو الذي يتقي المهالك ويجتنبها حقيقة التقى.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

لَشَرَّ مَرْجع ومُنْقَلَبٍ؛ وهي جهنم يدخلونها فيبقون مُعّذَّبِين فيه، وبِئْس المكانُ ذلك!

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

الطاغي: المفرط في الشر، مأخوذ من طغا يطغى، والطغيان هنا في الكفر...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى لما وصف ثواب المتقين، وصف بعده عقاب الطاغين، ليكون الوعيد مذكورا عقيب الوعد، والترهيب عقيب الترغيب.

واعلم أنه تعالى ذكر من أحوال النار أنواعا فالأول: مرجعهم ومآبهم، فقال: {هذا وإن للطاغين لشر مئاب} وهذا في مقابلة قوله: {وإن للمتقين لحسن مئاب} فبين تعالى أن حال الطاغين مضاد لحال المتقين.

واختلفوا في المراد بالطاغين، فأكثر المفسرين حملوه على الكفار، وقال الجبائي: إنه محمول على أصحاب الكبائر سواء كانوا كفارا أو لم يكونوا كذلك، واحتج الأولون بوجوه؛

الأول: أن قوله: {لشر مئاب} يقتضي أن يكون مآبهم شرا من مآب غيرهم، وذلك لا يليق إلا بالكفار.

الثاني: أنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا: {اتخذناهم سخريا} وذلك لا يليق إلا بالكفار، لأن الفاسق لا يتخذ المؤمن سخريا.

الثالث: أنه اسم ذم، والاسم المطلق محمول على الكامل، والكامل في الطغيان هو الكافر.

واحتج الجبائي على صحة قوله بقوله تعالى: {إن الإنسان ليطغى * أن رءاه استغنى} وهذا يدل على أن الوصف بالطغيان قد يحصل في حق صاحب الكبيرة، ولأن كل من تجاوز عن تكاليف الله تعالى وتعداها فقد طغى، إذا عرفت هذا فنقول: قال ابن عباس رضي الله عنهما، المعنى أن الذين طغوا وكذبوا رسلي لهم شر مآب، أي شر مرجع ومصير...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كانت النفوس نزاعة للهوى ميالة إلى الردى، فكانت محتاجة إلى مزيد تخويف وشديد تهويل، قال تعالى متوعداً لمن ترك التأسي بهؤلاء السادة في أحوال العبادة، مؤكداً لما مضى من إيعاد العصاة وتخويف العتاة: {هذا} أي الأمر العظيم الذي هو جدير بأن يجعل نصب العين، وهو أنه لكل من الفريقين ما ذكر، وإن أنكره الكفرة، وحذف الخبر بعد إثباته في الأول أهول؛ ليذهب الوهم فيه كل مذهب.

{وإن للطاغين} أي الذين لم يصبروا على تنزيلهم أنفسهم في منازلها بالصبر على ما أمروا به فرفعوا أنفسهم فوق قدرها، وتجاوزوا الحد وعلوا في الكفر به وأسرفوا في المعاصي والظلم وتجبروا وتكبروا فكانوا أحمق الناس {لشر مآب}.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والطاغي: الموصوف بالطغيان وهو: مجاوزة الحد في الكِبر والتعاظم، والمراد بهم عظماء أهل الشرك؛ لأنهم تكبَّروا بعظمتهم على قبول الإِسلام، وأعرضوا عن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بكبر واستهزاء، وحكموا على عامة قومهم بالابتعَاد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين وعن سماع القرآن، وهم: أبو جهل وأميةُ بن خلف، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، والعاصي بن وائل وأضرابهم.