التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (70)

وقوله : { الذين كَذَّبُواْ بالكتاب . . } بدل من قوله { إِنَّ الذين يُجَادِلُونَ في آيَاتِ الله } أى : تعجب من هؤلاء الذين كذبوا بالقرآن الكريم . الذى أنزلناه إليك - يا محمد - لتخرجهم به من الظلمات إلى النور .

وكذبوا - أيضا - { وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } من سائر الكتب والمعجزات . فهم لم يكتفوا بالتكذيب بك بل أضافوا إلى ذلك تكذيبهم بكل كتاب ورسول .

وقوله - تعالى - : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وعيد شديد لهم على تكذيبهم بالرسل وبكتبهم ، أى : فسوف يعلمون سوء عاقبة تكذيبهم لأنبياء الله - تعالى - ولكتبه التى أنزلها عليهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (70)

56

الذين كذبوا بالكتاب وبما ارسلنا به رسلنا . .

وهم كذبوا كتاباً واحداً . ورسولاً واحداً . ولكنهم إنما يكذبون بهذا كل ما جاء به الرسل . فهي عقيدة واحدة ، تتمثل في أكمل صورها في الرسالة الأخيرة . ومن ثم فهم كذبوا بكل رسالة وبكل رسول . . كل مكذب في القديم والحديث صنع هذا حين كذب رسوله الذي جاءه بالحق الواحد وبعقيدة التوحيد .

( فسوف يعلمون ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (70)

وقوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } ظاهر الآية أنها في الكفار المجادلين في رسالة محمد والكتاب الذي جاء به بدليل قوله : { الذين كذبوا بالكتاب } . وهذا قول ابن زيد والجمهور من المفسرين . وقال محمد بن سيرين وغيره ، قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون } هي إشارة إلى أهل الأهواء من الأمة ، وروت هذه الفرقة في نحو هذا حديثاً{[10023]} وقالوا هي في أهل القدر ومن جرى مجراهم ، ويلزم قائلي هذه المقالة أن يجعلوا قوله تعالى : { الذين كذبوا } كلاماً مقطوعاً مستأنفاً في الكفار . { الذين } ابتداء وخبره : { فسوف يعلمون } ، ويحتمل أن يكون خبر الابتداء محذوفاً والفاء متعلقة به .


[10023]:ذكره المهدوي، عن عقبة بن عامر أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نزلت هذه الآية في القدرية).

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (70)

وأبدل { الَّذِينَ كَذَّبُوا بالكتاب } من { الَّذِينَ يجادلون } لأن صلتي الموصولين صادقتان على شيء واحد ، فالتكذيب هو ما صْدَقُ الجدال ، والكتاب : القرآن .

وعَطْف { وَبِمَا أرْسَلنا به رُسُلنا } يجوز أن يكون على أصل العطف مقتضياً المغايرة ، فيكون المراد : وبما أرسلنا به رسلنا من الكتب قبل نزول القرآن ، فيكون تكذيبهم ما أُرسلت به الرسل مراداً به تكذيبهم جميعَ الأديان كقوله تعالى : { وما قدروا اللَّه حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء } [ الأنعام : 91 ] ، ويحتمل أنه أريد به التكذيب بالبعث فلعلهم لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بإثبات البعث سألوا عنه أهل الكتاب فأثبتوه فأنكر المشركون جميع الشرائع لذلك .

ويجوز أن يكون عطفَ مرادف ، فائدته التوكيد ، والمراد ب { رسلنا } محمد صلى الله عليه وسلم كقوله : { كذبت قوم نوح المرسلين } [ الشعراء : 105 ] يعني الرسول نوحاً على أن في العطف فائدة زائدة على ما في المعطوف عليه وهي أن مما جاء به الرسول مواعظ وإرشاداً كثيراً ليس من القرآن .

وتفرع على تكذيبهم وعيدهم بما سيلقونه يوم القيامة فقيل فسوف يعلمون ، أي سوف يجدون العذاب الذي كانوا يجادلون فيه فيعلمونه . وعبر عن وجدانهم العذاب بالعلم به بمناسبة استمرارهم على جهلهم بالبعث وتظاهرهم بعدم فهم ما يقوله الرسول فأنذروا بأن ما جهلوه سيتحققونه يومئذٍ كقول الناس : ستعرف منه ما تجهل ، قال أبو علي البصير

فتذم رأيك في الذين خصصتَهم *** دُوني وتَعْرِف منهم ما تجهل

وحذف مفعول { يعلمون } لدلالة { كَذَّبُوا بالكتاب } عليه ، أي يتحققون ما كذبوا به .