التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

ثم وصفهم - سبحانه - بصفة ثانية فقال : { والذين في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ . لِّلسَّآئِلِ والمحروم } .

والمراد بالحق المعلوم : ما أوجبوه على أنفسهم من دفع جزء من أموالهم للمحتاجين ، على سبيل التقرب إلى الله - تعالى - وشكره على نعمه ، ويدخل فى هذا الحق المعلوم دخولا أوليا ما فرضه - سبحانه - عليهم من زكاة أموالهم .

قالوا : ولا يمنع ذلك من أن تكون السورة مكية ، فقد يكون أصل مشروعية الزكاة بمكة ، ثم أتى تفصيل أحكامها بالمدينة ، عن طريق السنة النبوية المطهرة .

والسائل : هو الذى يسأل غيره الصدقة ، والمحروم : هو الذى لا يسأل غيره تعففا ، وإن كان فى حاجة إلى العود والمساعدة .

أى : ومن الذين استثناهم - سبحانه - منصفة الهلع : أولئك المؤمنون الصادقون الذين جعلوا فى أموالهم حقا معينا ، يخرجونه عن إخلاص وطيب خاطر ، لمن يستحقونه من السائلين والمحرومين . . على سبيل الشكر لخالقهم على ما أنعم عليهم من نعم .

ووصف - سبحانه - ما يعطونه من أموالهم بأنه { حَقٌّ } للإشارة إلى أنهم - لصفاء أنفسهم - قد جعلوا السائل والمحروم ، كأنه شريك لهم فى أموالهم ، وكأن ما يعطونه له إنما هو بمثابة الحق الثابت عندهم له .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) . .

وهي الزكاة على وجه التخصيص والصدقات المعلومة القدر . . وهي حق في أموال المؤمنين . . أو لعل المعنى أشمل من هذا وأكبر . وهو أنهم يجعلون في أموالهم نصيبا معلوما يشعرون أنه حق للسائل والمحروم . وفي هذا تخلص من الشح واستعلاء على الحرص ! كما أن فيه شعورا بواجب الواجد تجاه المحروم ، في هذه الأمة المتضامنة المتكافلة . . والسائل الذي يسأل ؛ والمحروم الذي لا يسأل ولا يعبر عن حاجته فيحرم . أو لعله الذي نزلت به النوازل فحرم وعف عن السؤال . والشعور بأن للمحتاجين والمحرومين حقا في الأموال هو شعور بفضل الله من جهة ، وبآصرة الإنسانية من جهة ، فوق ما فيه من تحرر شعوري من ربقة الحرص والشح . وهو في الوقت ذاته ضمانة اجتماعية لتكافل الأمة كلها وتعاونها . فهي فريضة ذات دلالات شتى ، في عالم الضمير وعالم الواقع سواء . . وذكرها هنا فوق أنه يرسم خطا في ملامح النفس المؤمنة فهو حلقة من حلقات العلاج للشح والحرص في السورة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

للسائل الذي يسأل والمحروم الذي لا يسأل فيحسب نفسه غنيا فيحرم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

والسائل : هو المستعطي ، و { المحروم } : الذي لا يَسأل الناس تعففاً مع احتياجه فلا يتفطن له كثير من الناس فيبقى كالمحروم .

وأصل المحروم : الممنوع من مرغوبه ، وتقدم في سورة الذاريات ( 19 ) في قوله : { وفي أموالهم حق للسائل والمحروم . وهذه الصفة للمؤمنين مضادة صفة الكافرين المتقدمة في قوله : وجمَع فأوعَى } [ المعارج : 18 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (25)

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن رشد: سئل مالك عن المحروم من هو؟ فقال: إنه ليقال هو الفقير الذي لا يسأل... ثم سئل بعد ذلك أيضا فقال: سمعت أنه الفقير الذي يحرم الرزق.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

للسائل الذي يسأله من ماله، والمحروم الذي قد حرم الغنى، فهو فقير لا يسأل.

وأجمعوا على أن السائل هو الذي وصفت صفته. واختلفوا أيضا في معنى المحروم في هذا الموضع،... عن ابن عباس قال: السّائِلِ وَالمَحْرُومِ: المحارف الذي ليس له في الإسلام نصيب.

عطاء: هو المحدود المحارف...

. عن ابن عباس، قال: المحروم: هو المحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه، فلا يسأل الناس.

عن إبراهيم، قال: في المحروم: هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه، أو يعطيه شيئا...

وقال آخرون: هو الذي لا ينمِي له مال.

وقال آخرون: هو الذي قد اجتيح ماله.

عن قتادة، في قوله: للسّائِلِ وَالمَحْرُومِ قال: السائل: الذي يسأل بكفه، والمحروم: المتعفّف، ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

السائل معروف، وهو الذي يسأل...

والمحروم، هو الذي حيل بينه وبين وجوه المكاسب. فمن كان حاله هكذا كان علينا أن نتعاهده، ونقوم بكفايته،

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

السائل: الذي يسأل {والمحروم} الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

المحروم: اسم جنس فيمن عسرت مطالبه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان في السؤال من بذل الوجه وكسر النفس ما يوجب الرقة مع وقاية النفس مع المذمة، قدم قوله: {للسائل} أي المتكلف لسؤال الإنفاق المتكفف. ولما كان في الناس من شرفت همته وعلت رتبته على مهاوي الابتذال بذل السؤال من الإقلال بذب المقبل على الله للتفطن والتوسم لأولئك فقال: {والمحروم} أي المتعفف الذي لا يسأل فيظن غنياً ولا مال له يغنيه...

وهذا من الله تعالى حث على تفقد أرباب الضرورات ممن لا كسب له ومن افتقر بعد الغنى،...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 24]

(والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم).. وهي الزكاة على وجه التخصيص والصدقات المعلومة القدر.. وهي حق في أموال المؤمنين.. أو لعل المعنى أشمل من هذا وأكبر. وهو أنهم يجعلون في أموالهم نصيبا معلوما يشعرون أنه حق للسائل والمحروم. وفي هذا تخلص من الشح واستعلاء على الحرص! كما أن فيه شعورا بواجب الواجد تجاه المحروم، في هذه الأمة المتضامنة المتكافلة.. والسائل الذي يسأل؛ والمحروم الذي لا يسأل ولا يعبر عن حاجته فيحرم. أو لعله الذي نزلت به النوازل فحرم وعف عن السؤال. والشعور بأن للمحتاجين والمحرومين حقا في الأموال هو شعور بفضل الله من جهة، وبآصرة الإنسانية من جهة، فوق ما فيه من تحرر شعوري من ربقة الحرص والشح. وهو في الوقت ذاته ضمانة اجتماعية لتكافل الأمة كلها وتعاونها. فهي فريضة ذات دلالات شتى، في عالم الضمير وعالم الواقع سواء.. وذكرها هنا فوق أنه يرسم خطا في ملامح النفس المؤمنة فهو حلقة من حلقات العلاج للشح والحرص في السورة...