التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَتَأۡتُونَ ٱلذُّكۡرَانَ مِنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (165)

ثم نهاهم عن أبرز الرذائل التي كانت متفشية فيهم فقال : { أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } .

والاستفهام للإنكار والتقريع ، والذكران : جمع ذكر وهو ضد الأنثى .

والعادون جمع عاد . يقال : عدا فلان فى الأمر يعدو ، إذا تجاوز الحد فى الظلم .

أى : قال لوط لقومه : أبلغ بكم انحطاط الفطرة ، وانتكاس الطبيعة ، أنكم تأتون الذكور الفاحشة ، وتتركون نساءكم اللائى أحلهن الله - تعالى - لكم ، وجعلهن الطريق الطبيعى للنسل وعمارة الكون .

إنكم بهذا الفعل القبيح الذميم ، تكونون قد تعديتم حدود الله - تعالى - وتجاوزتم ما أحله الله لكم ، إلى ما حرمه عليكم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَتَأۡتُونَ ٱلذُّكۡرَانَ مِنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (165)

ثم يواجههم باستنكار خطيئتهم الشاذة التي عرفوا بها في التاريخ :

( أتأتون الذكران من العالمين ? وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم ? بل أنتم قوم عادون ) .

والخطيئة المنكرة التي عرف بها قوم لوط [ وقد كانوا يسكنون عدة قرى في وادي الأردن ] هي الشذوذ الجنسي بإتيان الذكور ، وترك النساء . وهو انحراف في الفطرة شنيع . فقد برأ الله الذكر والأنثى ؛ وفطر كلا منهما على الميل إلى صاحبه لتحقيق حكمته ومشيئته في امتداد الحياة عن طريق النسل ، الذي يتم باجتماع الذكر والأنثى . فكان هذا الميل طرفا من الناموس الكوني العام ، الذي يجعل كل من في الكون وكل ما في الكون في حالة تناسق وتعاون على إنفاذ المشيئة المدبرة لهذا الوجود . فأما إتيان الذكور الذكور فلا يرمي إلى هدف ، ولا يحقق غاية ، ولا يتمشى مع فطرة هذا الكون وقانونه . وعجيب أن يجد فيه أحد لذة . واللذة التي يجدها الذكر والأنثى في التقائهما إن هي إلا وسيلة الفطرة لتحقيق المشيئة . فالانحراف عن ناموس الكون واضح في فعل قوم لوط . ومن ثم لم يكن بد أن يرجعوا عن هذا الانحراف أو أن يهلكوا ، لخروجهم من ركب الحياة ، ومن موكب الفطرة ، ولتعريهم من حكمة وجودهم ، وهي امتداد الحياة بهم عن طريق التزاوج والتوالد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَتَأۡتُونَ ٱلذُّكۡرَانَ مِنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (165)

{ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ } لما نهاهم نبي الله عن إتيانهم الفواحش ، وغشيانهم الذكور ، وأرشدهم إلى إتيان نسائهم اللاتي خلقهن الله لهم -

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَتَأۡتُونَ ٱلذُّكۡرَانَ مِنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (165)

{ وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين } أتأتون من بين عداكم من العالمين الذكران لا يشارككم فيه غيركم ، أو أتأتون الذكران من أولاد آدم مع كثرتهم وغلبة الإناث فيهم كأنهن قد أعوزنكم ، فالمراد ب{ العالمين } على الأول كل من ينكح وعلى الثاني الناس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَتَأۡتُونَ ٱلذُّكۡرَانَ مِنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (165)

ثم وقفهم على معصيتهم البشعة في إتيان { الذكران } وترك فروج الأزواج والمعنى ويذر ذلك العاصي في حين معصيته لا أن معناه تركوا النساء جملة ، وفي قراءة ابن مسعود «ما أصلح لكم ربكم » و { عادون } ، معناه ظالمون مرتكبون للحظر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَتَأۡتُونَ ٱلذُّكۡرَانَ مِنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (165)

هو في الاستئناف كقوله { أتتركون } [ الشعراء : 146 ] في قصة ثمود . والإتيان : كناية . والذكران : جمع ذَكر وهو ضد الأنثى . وقوله : { من العالمين } الأظهر فيه أنه في موضع الحال من الواو في { أتأتون } . و { مِن } فَصْلية ، أي تفيد معنى الفصل بين متخالفَين بحيث لا يماثل أحدهما الآخر . فالمعنى : مفصولين من العَالمين لا يماثلكم في ذلك صنف من العالمين . وهذا المعنى جوزه في « الكشاف » ثانياً وهو أوفق بمعنى : { العالمين } الذي المختار فيه أنه جمع ( عالَم ) بمعنى النوع من المخلوقات كما تقدم في سورة الفاتحة .

وإثبات معنى الفصل لحرف { مِن } قاله ابن مالك ، ومثَّل بقوله تعالى : { والله يعلم المفسد من المصلح } [ البقرة : 220 ] ، وقوله : { لِيَمِيزَ الله الخبيثَ من الطيب } [ الأنفال : 37 ] . ونظر فيه ابن هشام في « مغني اللبيب » وهو معنى رشيق متوسط بين معنى الابتداء ومعنى البدلية وليس أحدهما . وقد تقدم بيانه عند قوله تعالى { والله يعلم المفسد من المصلح } في سورة البقرة ( 220 ) .

والمعنى : أتأتون الذكران مخالفين جميع العالمين من الأنواع التي فيها ذكور وإناث فإنها لا يوجد فيها ما يأتي الذكور .

فهذا تنبيه على أن هذا الفعل الفظيع مخالف للفطرة لا يقع من الحيوان العُجْم فهو عمل ابتدعوه ما فعله غيرهم ، ونحوه قوله تعالى في الآية الأخرى { إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } [ العنكبوت : 28 ] .