التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (5)

ثم وبخهم - سبحانه - على عدم اعتبارهم بالسابقين من قبلهم فقال : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

والاستفهام فى قوله { أَلَمْ يَأْتِكُمْ . . . } للتقرير والتبكيت .

والمراد بالذين كفروا من قبل : قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ، من الأقوام الذين أعرضوا عن الحق ، فكانت عاقبتهم الدمار والهلاك .

والخطاب لمشركى قريش وأمثالهم ، ممن استحبوا العمى على الهدى .

والوبال فى الأصل : الشدة المترتبة على أمر من الأمور ، ومنه الوبيل للطعام الثقيل على المعدة . المضر لها . . . والمراد به هنا : العقاب الشديد الذى نزل بهم فأهلكهم ، وعبر عن هذا العقاب بالوبال ، للإشارة إلى أنه عذابا ثقيلا جدا ، لم يستطيعوا الفرار أو الهرب منه .

والمراد بأمرهم : كفرهم وفسوقهم عن أمر ربهم ، ومخالفتهم لرسلهم .

وقوله { فَذَاقُواْ } معطوف على كفروا ، عطف المسبب على السبب والذوق مجاز فى مطلق الإحساس والوجدان . شبه ما حل بهم من عقاب ، بشىء كريه الطعم والمذاق .

وعبر عن كفرهم بالأمر ، للإشعار بأنه أمر قد بلغ النهاية فى القبح والسوء .

والمعنى : لقد أتاكم ووصف إلى عملكم - أيها المشركون - حال الذين كفروا من قبلكم من أمثال قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ، وعلمتم أن إصرارهم على كفرهم قد أدى بهم إلى الهلاك وإلى العذاب الأليم ، فعليكم أن تعتبروا بهم . وأن تفيئوا إلى رشدكم ، وأن تتبعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أرسله الله - تعالى - لإخراجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان .

فالمقصود من الآية الكريمة تحذير الكافرين الذين أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهم من سوء عاقبة إصرارهم على كفرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (5)

والمقطع الثاني في السورة يذكر بمصير الغابرين من المكذبين بالرسل والبينات ، المعترضين على بشرية الرسل . كما كان المشركون يكذبون ويعترضون على بشرية الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ويكفرون بما جاءهم به من البينات :

( ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ? ولهم عذاب أليم . ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ، فقالوا : أبشر يهدوننا ? فكفروا وتولوا ، واستغنى الله ، والله غني حميد ) . .

والخطاب هنا للمشركين - غالبا - وهو تذكير لهم بعاقبة المكذبين وتحذير لهم من مثل هذه العاقبة . والاستفهام قد يكون لإنكار حالهم بعد ما جاءهم من نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم . وقد يكون للفت أنظارهم إلى هذا النبأ الذي يقصه عليهم . وهم كانوا يعرفون ويتناقلون أنباء بعض الهلكى من الغابرين . كعاد وثمود وقرى لوط . وهم يمرون عليها في شبه الجزيرة ، في رحلاتهم للشمال والجنوب .

ويضيف القرآن إلى المعروف من مآلهم في الدنيا ما ينتظرهم هنالك في الآخرة : ( ولهم عذاب أليم ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (5)

يقول تعالى مخبرًا عن الأمم الماضين ، وما حل بهم من العذاب والنكال ، في مخالفة الرسل والتكذيب بالحق ، فقال : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ } أي : خبرهم وما كان من أمرهم ، { فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ } أي : وخيم تكذيبهم ورديء أفعالهم ، وهو ما حل بهم في الدنيا من العقوبة والخزي { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : في الدار الآخرة مضاف إلى هذا الدنيوي .