القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فلما رأت هذه الأمم المكذّبة رسلها بأسنا ، يعني عقاب الله الذي وعدتهم به رسُلهم قد حلّ بهم ، كما :
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَلَمّارأَوْا بأسَنا قال : النقمات التي نزلت بهم .
وقوله : قَالُوا آمَنّا باللّهِ وَحْدَهُ يقول : قالوا : أقررنا بتوحيد الله ، وصدّقنا أنه لا آله غيره وَكَفَرْنا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ يقول : وجحدنا الاَلهة التي كنا قبل وقتنا هذا نشركها في عبادتنا الله ونعبدها معه ، ونتخذها آلهة ، فبرئنا منها .
موقع جملة { فَلَمَّا رَأَوا بَأْسَنَا } من قوله : { فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم بالبينات } [ غافر : 83 ] كموقع جملة { فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم من قوله : كَانُوا أكْثَرَ مِنْهُم } [ غافر : 82 ] لأن إفادة ( لمَّا ) معنى التوقيت يثير معنى توقيتتِ انتهاء ما قبلها ، أي دام دُعاء الرسل إياهم ودام تكذيبهم واستهزَاؤهم إلى أن رَأوا بأسنا فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده .
والبَأْس : الشدة في المكروه ، وهو جامع لأصناف العذاب كقوله تعالى : { فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } [ الأنعام : 42 ، 43 ] فذلك البأس بمعنى البَأساء ، ألا ترى إلى قوله : تضرعوا وهو هنا يقول : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } فالبأس هنا العذاب الخارق للعادة المنذِرُ بالفناء فإنهم لما رأوه علموا أنه العذاب الذي أُنذروه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فلما رأوا بأسنا} يعني عذابنا في الدنيا.
{قالوا آمنا بالله وحده} لا شريك له {وكفرنا بما كنا به مشركين}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: فلما رأت هذه الأمم المكذّبة رسلها بأسنا، يعني عقاب الله الذي وعدتهم به رسُلهم قد حلّ بهم...
وقوله:"قَالُوا آمَنّا باللّهِ وَحْدَهُ" يقول: قالوا: أقررنا بتوحيد الله، وصدّقنا أنه لا إله غيره، "وَكَفَرْنا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ "يقول: وجحدنا الآلهة التي كنا قبل وقتنا هذا نشركها في عبادتنا الله ونعبدها معه، ونتخذها آلهة، فبرئنا منها.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
البأس: شدّة العذاب. ومنه قوله تعالى: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف: 165].
قوله: {لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا} تابع لقوله: {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ} [غافر: 83] كأنه قال: فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم حكى حالة بعضهم ممن آمن بعد تلبس العذاب بهم فلم ينفعهم ذلك، وفي ذكر هذا حض للعرب على المبادرة وتخويف من التأني لئلا يدركهم عذاب لا تنفعهم توبة بعد تلبسه بهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
فلما ثبت بذلك عنادهم وغلظتهم وقوتهم في لددهم واشتدادهم، بين جهلهم بذلهم عند ما بدا لهم وبال أمرهم، وحان أن تبرك عليهم أثقال العذاب الفائتة للقوى، فحلت ما أحكموا عقده من شرهم، فقال مبيناً لما أجمل من الحيق مسبباً عنه لافتاً القول إلى مظهر العظمة ترهيباً: {فلما رأوا} أي عاينوا. {بأسنا} أي عذابنا الشديد على ما له من العظمة التي أدنت بها نسبته إلينا وصدوره عنا.
{قالوا آمنا بالله} أي الذي له مجامع العظمة، ومعاقد العز ونفوذ الكلمة، كما ظهر لنا في هذا البأس من غير إشكال ولا إلباس، وأكدوا ذلك نافين لما كانوا فيه من الشرك: بقولهم {وحده}.
ودل على انحلال عراهم ووهي قواهم بزيادة التصريح في قولهم: {وكفرنا بما كنا} أي جبلة وطبعاً {به مشركين} لأنا علمنا أنه لا يغني من دون الله شيء.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
موقع جملة {فَلَمَّا رَأَوا بَأْسَنَا} من قوله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم بالبينات} [غافر: 83] كموقع جملة {فَلَمَّا جَاءَتْهُم رُسُلهم من قوله: كَانُوا أكْثَرَ مِنْهُم}؛ لأن إفادة (لمَّا) معنى التوقيت يثير معنى توقيت انتهاء ما قبلها، أي دام دُعاء الرسل إياهم ودام تكذيبهم واستهزَاؤهم إلى أن رَأوا بأسنا فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده.
والبَأْس: الشدة في المكروه، وهو جامع لأصناف العذاب كقوله تعالى: {فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا} [الأنعام: 42، 43] فذلك البأس بمعنى البَأساء، ألا ترى إلى قوله: تضرعوا وهو هنا يقول: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} فالبأس هنا العذاب الخارق للعادة المنذِرُ بالفناء فإنهم لما رأوه علموا أنه العذاب الذي أُنذروه.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.