وقوله : { فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذَلِكَ } اى : فمن طلب خلاف ذلك الذى أحله - سبحانه - . { فأولئك هُمُ العادون } أى : فأولئك هم المعتدون المتجاوزون حدود خالقهم ، الوالغون فى الحرام الذى نهى الله - تعالى - عنه .
يقال : عدا فلان الشئ يعدوه عَدْواً ، إذا جاوزوه وتركه . أى : أنهم تجاوزوا الحلال وتركوه خلف ظهورهم ، واتجهوا ناحية الحرام فولغوا فيه .
وتقدم نظير هذا في سورة المؤمنين ، أي ليس في المسلمين سفاح ولا زنا ولا مخالّة ولا بغاء ، ولذلك عقب بالتفريع بقوله : { فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون .
والعادي : المفسد ، أي هم الذين أفسدوا فاختلطت أنسابهم وتطرقت الشكوك إلى حصانة نسائهم ، ودخلت الفوضى في نظم عائلاتهم ، ونشأت بينهم الإِحن من الغيرة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فمن ابتغى وراء ذلك} بعد أزواجه وولائده ما لا يحل له وهو الزنا.
{فأولئك هم العادون} يعني المعتدين في دينهم...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فمن التمس لفرجه منكحا سوى زوجته، أو ملك يمينه، ففاعلو ذلك هم العادون، الذين عدوا ما أحلّ الله لهم إلى ما حرّم عليهم فهم الملومون.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
العادي: هو الظالم في الحقيقة، يقال: عدا فلان على فلان إذا ظلمه، فهم عادون حين ظلموا أنفسهم، فوضعوها في موضع لم يؤذن لهم بالوضع فيها.
وقال الحسن: هم العادون حين عدوا من الحلال إلى الحرام.
وفي هذه الآية دلالة تحريم المتعة، لأنه أخبر أن من ابتغى وراء ملك اليمين وملك النكاح فهو إذن من العادين.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وقوله تعالى: {ابتغى} معناه: طلب، وقوله: {وراء ذلك} معناه: سوى ما ذكر، كأنه أمر قد حد فيه حد، فمن طلب بغيته وراء الحد فهو كمستقبل حد في الأجرام وهو يتعدى، وراءه: أي خلفه، و {العادون}: الذين يتجاوزون حدود الأشياء التي لها حدود كان ذلك في الأجرام أو في المعنى.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما أفهم ذلك تحريم غير المستثنى ووجب الحفظ للفروج عنه، صرح به على وجه يشمل المقدمات فقال مسبباً عنه: {فمن ابتغى} أي طلب، وعبر بصيغة الافتعال لأن ذلك لا يقع إلا عن إقبال عظيم من النفس واجتهاد في الطلب {وراء ذلك} أي شيئاً من هذا خارجاً عن هذا الأمر الذي أحله الله تعالى، والذي هو أعلى المراتب في أمر النكاح وقضاء اللذة أحسنها وأجملها. ولما كان الوصول إلى ذلك لا يكون إلا بتسبب من الفاعل ربط بالفاء قوله: {فأولئك} أي الذين هم في الحضيض من الدناءة وغاية البعد عن مواطن الرحمة {هم} أي بضمائرهم وظواهرهم {العادون} أي المختصون بالخروج عن الحد المأذون فيه.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وبذلك يغلق الباب في وجه كل قذارة جنسية، في أية صورة غير هاتين الصورتين الواضحتين الصريحتين.. فلا يرى في الوظيفة الطبيعية قذارة في ذاتها؛ ولكن القذارة في الالتواء بها. والإسلام نظيف صريح قويم..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وتقدم نظير هذا في سورة المؤمنين، أي ليس في المسلمين سفاح ولا زنا ولا مخالّة ولا بغاء، ولذلك عقب بالتفريع بقوله: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}. والعادي: المفسد، أي هم الذين أفسدوا، فاختلطت أنسابهم وتطرقت الشكوك إلى حصانة نسائهم، ودخلت الفوضى في نظم عائلاتهم، ونشأت بينهم الإِحن من الغيرة.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وفي الآية الأُخرى يؤكّد بشكل أكثر على نفس الموضوع فيضيف: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وبهذه الطريقة فإنّ الإسلام يخطط لمجتمع يحافظ على غرائزه الفطرية، ولا يؤدّي به إلى الغرق بالفحشاء والفساد الجنسي والمضارّ الناتجة منه، وبالطبع أنّ للجواري في نظر الإسلام كثيراً من شرائط الزوجة والضوابط القانونية للزوج وإن كان الموضوع منتف أساساً في زماننا الحاضر.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.