التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

ثم بين - سبحانه - بأن الأفعال السيئة يعود ضررها على صاحبها وحده فقال - تعالى - { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ على نَفْسِهِ وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً } .

والكسب كما يقول الراغب - ما يتحراه الإِنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ ، ككسب المال . وقد يستعمل فيما يظن الإِنسان أنه يجلب منفعة له ثم استجلب به مضرة .

وقد ورد فى القرآن فى فعل الصالحات والسيئات فما استعمل فى الصالحات قوله : { أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً } ومما استعمل فى السيئات قوله : { إِنَّ الذين يَكْسِبُونَ الإثم } ومنه قوله - تعالى - هنا { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ على نَفْسِهِ } .

أى . ومن يرتكب إثما من الآثام التى نهى الله عن ارتكباها ، فإن ضرر ذلك يعود على نسه وحدها . وما دام الأمر كذلك فعلى العاقل أن يبتعد عن الذنوب والآثام حتى ينجو من العقاب .

وقوله { وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً } تذييل قصد به التحذير من سوء عاقبة اكتاسب الآثام .

أى : وكان الله عليما بما فى قلوب الناس وبما يقولون ويفعلون ، حكيما فى كل ما قدر وقضى . وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من خير أو شر

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (111)

105

والآية الثانية تقرر فردية التبعة . وهي القاعدة التي يقوم عليها التصور الإسلامي في الجزاء ، والتي تثير في كل قلب شعور الخوف وشعور الطمأنينة . الخوف من عمله وكسبه . والطمأنينة من أن لا يحمل تبعة غيره .

( ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه . وكان الله عليما حكيمًا . . )

ليست هناك خطيئة موروثة في الإسلام ، كالتي تتحدث عنها تصورات الكنيسة . كما أنه ليست هناك كفارة غير الكفارة التي تؤديها النفس عن نفسها . . وعندئذ تنطلق كل نفس حذرة مما تكسب . مطمئنة إلى أنها لا تحاسب إلا على ما تكسب . . توازن عجيب ، في هذا التصور الفريد . هو إحدى خصائص التصور الإسلامي وأحد مقوماته ، التي تطمئن الفطرة ، وتحقق العدل الإلهي المطلق ؛ المطلوب أن يحاكيه بنو الإنسان .