التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ} (120)

ثم يحكى لنا القرآن بعد ذلك موقف السحرة بعد أن رأوا بأعينهم أن ما فعله موسى - عليه السلام - ليس من قبيل السحر فقال : { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ } أى : خبروا سجدا ، كأنما - كما قال الزمخشرى - قد القاهم ملق لشدة خرورهم أو لم يتمالكوا أنفسهم مما رأوا فكأنهم ألقوا .

والمراد أن ظهور بطلان سحرهم ، وإدراكهم بأن موسى على الحق ، قد حملهم على السجود لله - تعالى - وأن نور الحق قد بهرهم وجعلهم يسارعون إلى الإيمان حتى لكأن أحدا قد دفعهم إليه دفعا ، وألقاهم إليه إلقاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ} (120)

103

ولكن المفاجأة لم تختم بعد . والمشهد ما يزال يحمل مفاجأة أخرى . . مفاجأة كبرى . .

( وألقى السحرة ساجدين . قالوا : آمنا برب العالمين . رب موسى وهارون ) . .

إنها صولة الحق في الضمائر . ونور الحق في المشاعر ، ولمسة الحق للقلوب المهيأة لتلقي الحق والنور واليقين . . إن السحرة هم أعلم الناس بحقيقة فنهم ، ومدى ما يمكن أن يبلغ إليه . وهم أعرف الناس بالذي جاء به موسى إن كان من السحر والبشر ، أم من القدرة التي وراء مقدور البشر والسحر . والعالم في فنه هو أكثر الناس استعداداً للتسليم بالحقيقة فيه حين تتكشف له ، لأنه أقرب إدراكاً لهذه الحقيقة ، ممن لا يعرفون في هذا الفن إلا القشور . .

/خ126