البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ} (120)

{ وألقى السحرة ساجدين } لما كان الضمير قبل مشتركاً جرد المؤمنون وأفردوا بالذكر والمعنى خرُّوا سجداً كأنما ألقاهم ملق لشدة خرورهم ، وقيل : لم يتمالكوا مما رأوا فكأنهم ألقوا وسجودهم كان لله تعالى لما رأوا من قدرة الله تعالى فتيقنوا نبوّة موسى عليه السلام واستعظموا هذا النوع من قدرة الله تعالى ، وقيل : ألقاهم الله سجداً سبب لهم من الهدى ما وقعوا به ساجدين ، وقيل سجدوا موافقة لموسى وهارون فإنهم سجدا لله شكراً على وقوع الحقّ فوافقوهما إذ عرفوا الحقّ فكأنما ألقياهم ، قال قتادة : كانوا أول النهار كفاراً سحرة وفي آخره شهداء بررة ، وقال الحسن : تراه ولد في الإسلام ونشأ بين المسلمين يبيع دينه بكذا وكذا وهؤلاء كفار نشؤوا في الكفر بذلوا أنفسهم لله تعالى .