التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (125)

ومع أن فرعون قد توعد هؤلاء المؤمنين بالعذاب والتشويه والتنكيل والموت القاسى البطىء الموهوب ، فإننا نراهم يقابلون كل ذلك بالصبر الجميل ، والإيمان العميق ، والاستهانة ببطش فرعون وجبروته فيقولون له بكل ثبات واطمئنان : { إِنَّآ إلى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } قال صاحب الكشاف : فيه أوجه : أن يريدوا إنا لا نبالى بالموت لانقلابنا إلى لقاء ربنا ورحمته وخلاصنا منك ومن لقائك .

أو ننقلب إلى الله يوم الجزاء فيثيبنا على شدائد القطع والصلب . أو إنا جميعاً يعنون أنفسهم وفرعون ننقلب إلى الله فيحكم بيننا . أو إنا لا محالة ميتون منقلبون إلى الله فما تقدر أن تفعل بنا إلا ما لا بد لنا منه " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (125)

103

ولكن النفس البشرية حين تستعلن فيها حقيقة الإيمان ؛ تستعلى على قوة الأرض ، وتستهين ببأس الطغاة ؛ وتنتصر فيها العقيدة على الحياة ، وتحتقر الفناء الزائل إلى جوار الخلود المقيم . إنها لا تقف لتسأل : ماذا ستأخذ وماذا ستدع ؟ ماذا ستقبض وماذا ستدفع ؟ ماذا ستخسر وماذا ستكسب ؟ وماذا ستلقى في الطريق من صعاب وأشواك وتضحيات ؟ . . لأن الأفق المشرق الوضيء أمامها هناك ، فهي لا تنظر إلى شيء في الطريق . ( قالوا : إنا إلى ربنا منقلبون . وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا . ربنا أفرغ علينا صبراً ، وتوفنا مسلمين ) . .

إنه الإيمان الذي لا يفزع ولا يتزعزع . كما أنه لا يخضع أو يخنع . الإيمان الذي يطمئن إلى النهاية فيرضاها ، ويستيقن من الرجعة إلى ربه فيطمئن إلى جواره :

( قالوا : إنا إلى ربنا منقلبون ) . .

/خ126