التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي غَمۡرَةٖ سَاهُونَ} (11)

والذين هم { فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } أى : فى جهالة تغمرهم كما يغمر الماء الأرض . فهم ساهون وغافلون عن كل خير .

فالغمرة : ما يغمر الشىء ويستره ويغطيه ، ومنه قولهم : نهر غَمْر ، أى : يغمر من دخله .

والمراد : أنهم فى جهالة غامرة لقلوبهم . وفى غفلة تامة عما ينفعهم .

وهذا التعبير فيه ما فيه من تصوير ما هم عليه من جهالة وغفلة ، حيث يصورهم - سبحانه - وكأن ذلك قد أحاط بهم وغمرهم حتى لكأنهم لا يحسون بشىء مما حولهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي غَمۡرَةٖ سَاهُونَ} (11)

وقوله : وَالّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يقول تعالى ذكره : الذين هم في غمرة الضلالة وغَلَبتها عليهم متمادون ، وعن الحقّ الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ساهون ، قد لَهُوا عنه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عنه . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يقول : في ضلالتهم يتمادَون .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ قال : في غفلة لاهون .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة الّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يقول : في غمرة وشُبهة .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان غَمْرَةٍ ساهُونَ قال : في غفلة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ قال : ساهون عما أتاهم ، وعما نزل عليهم ، وعما أمرهم الله تبارك وتعالى ، وقرأ قول الله جلّ ثناؤه بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا . . . الاَية ، وقال : ألا ترى الشيء إذا أخذته ثم غمرته في الماء .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ : قلبه في كِنانة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي غَمۡرَةٖ سَاهُونَ} (11)

والغمرة : المرة من الغمر ، وهو الإحاة ويفسرها ما تضاف إليه كقوله تعالى : { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت } [ الأنعام : 93 ] فإذا لم تقيد بإضافة فإن تعيينها بحسب المقام كقوله تعالى : { فذرهم في غمرتهم حتى حين } في سورة المؤمنين ( 54 ) . والمراد : في شغل ، أي مَا يشغلهم من معاداة الإسلام شغلاً لا يستطيعون معه أن يتدبروا في دعوة النبيء .

والسهو : الغفلة . والمراد أنهم معرِضون إعراضاً كإعراض الغافل وما هم بغافلين فإن دعوة القرآن تقرع أسماعهم كل حين واستعمال مادة السهو في هذا المعنى نظير استعمالها في قوله تعالى : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } [ الماعون : 5 ] .