التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (82)

ثم بين - سبحانه - عاقبة الناكثين لعهودهم فقال : { فَمَنْ تولى بَعْدَ ذلك فأولئك هُمُ الفاسقون }

أى فمن أعرض عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وعن نصرته ، بعد أخذ الميثاق المؤكد عليه ، فأولئك المعرضون " هم الفاسقون " أى الخارجون عن الإيمان إلى أفحش دركات الكفر والخيانة .

والفاء فى قوله { فَمَنْ تولى } للتفريع ، و { مَنْ } يجوز أن تكون شرطية ويكون قوله { فأولئك هُمُ الفاسقون } جوابها .

ويجوز أن تكون موصولة ، ويكون قوله { فأولئك هُمُ الفاسقون } هو الخبر .

والضمير في قوله { تولى } يعود على " من " بالإفراد باعتبار لفظها ، ويعود عليها بصيغة الجمع فى قوله " فأولئك " باعتبار معناها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (82)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَمَنْ تَوَلّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }

يعني بذلك جل ثناؤه : فمن أعرض عن الإيمان برسلي الذين أرسلتهم بتصديق ما كان مع أنبيائي من الكتب والحكمة ، وعن نصرتهم ، فأدبر ولم يؤمن بذلك ، ولم ينصر ، ونكث عهده وميثاقه بعد ذلك ، يعني بعد العهد والميثاق الذي أخذه الله عليه ، فأولئك هم الفاسقون : يعني بذلك أن المتولين عن الإيمان بالرسل الذين وصف أمرهم ونصرتهم بعد العهد والميثاق اللذين أخذا عليهم بذلك ، هم الفاسقون ، يعني بذلك : الخارجون من دين الله ، وطاعة ربهم .

كما : حدثنا المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن هاشم ، قال : أخبرنا سيف بن عمر ، عن أبي روق ، عن أبي أيوب ، عن عليّ بن أبي طالب : فمن تولى عنك يا محمد بعد هذا العهد من جميع الأمم ، فأولئك هم الفاسقون ، هم العاصون في الكفر .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه قال أبو جعفر : يعني الرازي : { فَمَنْ تَوَلّى بَعْدَ ذَلِكَ } يقول : بعد العهد والميثاق الذي أخذ عليهم ، فأولئك هم الفاسقون .

حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، مثله .

وهاتان الآيتان وإن كان مخرج الخبر فيهما من الله عزّ وجلّ بما أخبر أنه شهد ، وأخذ به ميثاق من أخذ ميثاقه به عن أنبيائه ورسله ، فإنه مقصود به إخبار من كان حوالي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل أيام حياته صلى الله عليه وسلم ، عما لله عليهم من العهد في الإيمان بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومعنيّ تذكيرهم ما كان الله آخذا على آبائهم وأسلافهم من المواثيق والعهود ، وما كانت أنبياء الله عرفتهم وتقدمت إليهم في تصديقه واتباعه ونصرته على من خالفه ، وكذبه ، وتعريفهم ما في كتب الله التي أنزلها إلى أنبيائه التي ابتعثهم إليهم من صفته وعلامته .