ثم قال تعالى : { مهطعين إلى الداع } أي مسرعين إليه انقيادا { يقول الكافرون هذا يوم عسر } يحتمل أن يكون العامل الناصب ليوم في قوله تعالى : { يوم يدعو الداع } أي يوم يدعو الداعي : { يقول الكافرون هذا يوم عسر } ، وفيه فائدتان ( إحداهما ) : تنبيه المؤمن أن ذلك اليوم على الكافر عسير فحسب ، كما قال تعالى : { فذلك يومئذ يوم عسير ، على الكافرين غير يسير } يعني له عسر لا يسر معه ( ثانيتهما ) : هي أن الأمرين متفقان مشتركان بين المؤمن والكافر ، فإن الخروج من الأجداث كأنهم جراد والانقطاع إلى الداعي يكون للمؤمن فإنه يخاف ولا يأمن العذاب إلا بإيمان الله تعالى إياه فيؤتيه الله الثواب فيبقى الكافر فيقول : { هذا يوم عسر } .
( خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر . مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون : هذا يوم عسر . . )
وهو مشهد من مشاهد ذلك اليوم ، يناسب هوله وشدته ظلال السورة كلها ؛ ويتناسق مع الإرهاص باقتراب الساعة ، ومع الإنباء بانشقاق القمر ، ومع الإيقاع الموسيقي في السورة كذلك !
" وهو متقارب سريع . وهو مع سرعته شاخص متحرك ، مكتمل السمات والحركات : هذه جموع خارجة من الأجداث في لحظة واحدة كأنهم جراد منتشر [ ومشهد الجراد المعهود يساعد على تصور المنظر المعروض ]
وهذه الجموع خاشعة أبصارها من الذل والهول ، وهي تسرع في سيرها نحو الداعي ، الذي يدعوها لأمر غريب نكير شديد لا تعرفه ولا تطمئن إليه . . وفي أثناء هذا التجمع والخشوع والإسراع يقول الكافرون : ( هذا يوم عسر ) . . وهي قولة المكروب المجهود ، الذي يخرج ليواجه الأمر الصعيب الرعيب ! .
فهذا هو اليوم الذي اقترب ، وهم عنه معرضون ، وبه يكذبون . فتول عنهم يوم يجيء ، ودعهم لمصيرهم فيه وهو هذا المصير الرعيب المخيف !
يوم عَسِر : صعب شديد لعظم أهواله .
8- { مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } .
مسرعين مجيبين إلى الدعي ، وهو إسرافيل عليه السلام ، لا يخالفون ولا يتأخرون ، ويقولون : هذا يوم شديد الهول سيء المنقلب .
قال تعالى : { فذلك يومئذ يوم عسير*على الكافرين غير يسير } . ( المدثر : 9-10 ) .
أي : هو عبوس قمطرير ، شديد الهول على الكافرين ، وفي هذا إيماء إلى أنه هين على المؤمن لا عسر فيه ولا مشقة ، بل فيه نضرة وسرور ونعيم للمتقين .
{ مهطعين إلى الداع } : أي مسرعين إلى نداء الداع .
{ هذا يوم عسر } : أي صعب شديد .
مهطعين إلى الداع أي مسرعين إلى داع الله إلى ساحة الموقف وفصل القضاء . يومئذ يقول الكافرون هذا يوم عَسِر وهو كذلك عسير شديد العسر ولكن على المؤمنين يسير غير عسير . كما قال تعالى فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير مفهومه أنه على المؤمنين يسير .
{ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ } أي : مسرعين لإجابة النداء الداعي{[927]} وهذا يدل على أن الداعي يدعوهم ويأمرهم بالحضور لموقف القيامة ، فيلبون دعوته ، ويسرعون إلى إجابته ، { يَقُولُ الْكَافِرُونَ } الذين قد حضر عذابهم : { هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } كما قال تعالى { على الكافرين غير يسير } [ مفهوم ذلك أنه يسير سهل على المؤمنين ]{[928]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.