أما قوله تعالى : { ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم } فالمراد من الآيات ما به يعرف المرء ما ينبغي أن يتمسك به ، ثم بين أنه لكونه عليما حكيما يؤثر بما يجب أن يبينه ويجب أن يطاع لأجل ذلك ، لأن من لا يكون عالما لا يجب قبول تكليفه ، لأنه قد يأمر بما لا ينبغي ، ولأن المكلف إذا أطاعه فقد لا يعلم أنه أطاعه ، وحينئذ لا يبقى للطاعة فائدة ، وأما من كان عالما لكنه لا يكون حكيما فقد يأمره بما لا ينبغي فإذا أطاعه المكلف فقد يعذب المطيع وقد يثيب العاصي ، وحينئذ لا يبقى للطاعة فائدة ، وأما إذا كان عليما حكيما فإنه لا يأمر إلا بما ينبغي ولا يهمل جزاء المستحقين ، فلهذا ذكر هاتين الصفتين وخصهما بالذكر ، وههنا سؤالات :
الأول : الحكيم هو الذي لا يأتي بما لا ينبغي ، وإنما يكون كذلك لو كان عالما بقبح القبيح وعالما بكونه غنيا عنه فيكون العليم داخلا في الحكيم ، فكان ذكر الحكيم مغنيا عنه . هذا على قول المعتزلة ، وأما على قول أهل السنة والجماعة فالحكمة هي العلم فقط ، فذكر العليم الحكيم يكون تكرارا محضا الجواب يحمل ذلك على التأكيد .
السؤال الثاني : قالت المعتزلة دلت الآية على أنه إنما يجب قبول بيان الله تعالى لمجرد كونه عالما حكيما ، والحكيم هو الذي لا يفعل القبائح فتدل الآية على أنه لو كان خالقا للقبائح لما جاز الاعتماد على وعده ووعيده والجواب : الحكم عندنا هو العليم ، وإنما يجوز الاعتماد على قوله لكونه عالما بكل المعلومات ، فإن الجاهل لا اعتماد على قوله البتة .
السؤال الثالث : قالت المعتزلة قوله : { يبين الله لكم } أي لأجلكم ، وهذا يدل على أن أفعاله معللة بالأغراض ، ولأن قوله : { لكم } لا يجوز حمله على ظاهره لأنه ليس الغرض نفس ذواتهم بل الغرض حصول انتفاعهم وطاعتهم وإيمانهم ، فدل هذا على أنه تعالى يريد الإيمان من الكل والجواب : المراد أنه سبحانه فعل بهم ما لو فعله غيره لكان ذلك غرضا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.