اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (18)

وقال مجاهد : { ينهاكم اللَّهَ أنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أبداً إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم الآيَات » في الأمر والنهي «وَاللَّهُ عَلِيمٌ » بأمر عائشة وصفوان «حَكِيمٌ »{[34216]} ببراءتهما{[34217]} .

واعلم أن العليم الحكيم هو الذي لا يأمر إلا بما ينبغي ، ولا يهمل جزاء المستحقين فلهذا ذكر هاتين الصفتين وخصهما بالذكر{[34218]} .

فصل

استدلت المعتزلة بقوله : { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } على أن ترك القذف من الإيمان ، لأن المعلق على الشرط يعدم عند عدم الشرط .

وأجيبوا بأن هذا معارض بقوله : { إِنَّ الذين جَاءُوا بالإفك عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ }{[34219]} [ النور : 11 ] أي : منكم أيها المؤمنون ، فدل ذلك على أن القذف لا يوجب الخروج عن الإيمان ، وإذا ثبت التعارض حملنا هذه الآية على التهيج في الاتعاظ والانزجار {[34220]} .

فصل

قالت المعتزلة : دلت هذه الآية على أنه تعالى أراد مَنْ جميع من وعظه مجانبة ذلك في المستقبل وإن كان فيهم من لا يطيع ، فمن هذا الوجه يدل على أنه يريد منهم كلهم الطاعة وإن عصوا ، ولأن قوله : { يَعِظُكُمُ الله أَن تَعُودُواْ } ، أي : لكي لا تعودوا لمثله ، وذلك يدل على الإرادة ، وتقدم الجواب عنه{[34221]} مراراً{[34222]} .

فإن قيل : هل يجوز أن يسمى الله واعظاً لقوله : «يَعِظُكُم اللَّهُ » ؟ فالأظهر أنه لا يجوز ، كما لا يجوز أن يسمى الله معلماً لقوله : { الرحمن عَلَّمَ القرآن{[34223]} }{[34224]} [ الرحمن : 1 – 2 ] .


[34216]:في الأصل: حليم. وهو تحريف.
[34217]:انظر البغوي 6/82.
[34218]:انظر الفخر الرازي 23/182.
[34219]:من الآية (11) من السورة نفسها.
[34220]:انظر الفخر الرازي 23/182.
[34221]:في ب: فيه.
[34222]:انظر الفخر الرازي 23/182.
[34223]:[الرحمن: 1، 2].
[34224]:انظر الفخر الرازي 23/182.