إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۚ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (18)

{ وَيُبَيّنُ الله لَكُمُ الآيات } الدَّالَّةَ على الشَّرائعِ ومحاسنِ الآدابِ دلالةً واضحةً لتتَّعِظوا وتتأدَّبوا بها أي يُنزلها كذلكَ أي مبينةً ظاهرةَ الدِّلالةِ على معانيها لا أنَّه يُبينها بعد أنْ لم تكُنْ كذلك وهذا كما في قولِهم : سبحانَ من صغَّر البعوضَ وكبَّر الفيلَ أي خلقَهُما صغيراً وكبيراً ومنه قولُك : ضُيِّقَ فمُ الرَّكيَّةِ ووُسِّعَ أسفلُها . وإظهارُ الاسمِ الجليلِ في موقع الإضمارِ لتفخيم شأنِ البيانِ { والله عَلِيمٌ } بأحوالِ جميعِ مخلوقاتِه جلائلِها ودقائقِها { حَكِيمٌ } في جميع تدابيرِه وأفعالِه فأنَّى يمكن صدقُ ما قيل في حقِّ حُرمةِ مَن اصطفاهُ لرسالاته وبعثَه لكافَّةِ الخلقِ ليرشدَهم إلى الحقِّ ويزكيهم ويُطهرَهم تطهيراً . وإظهارُ الاسمِ الجليلِ هاهنا لتأكيدِ استقلالِ الاعتراضِ التذييليِّ والإشعارِ بعلَّةِ الأُلوهيَّةِ للعلم والحكمةِ .