{ قَالَ فَعَلْتُهَا } أي تلك الفعلة { إِذَا } أي إذ ذاك على ما آثره بعض المحققين سقي الله تعالى ثراه من أن { إِذَا } ظرف مقطوع عن الإضافة مؤثراً فيه الفتحة على الكسرة لخفتها وكثرة الدور ، وأقر عليه السلام بالقتل لثقته بحفظ الله تعالى له ، وقيد الفعل بما يدفع كونه قادحاً في النبوة وهو جملة { وَأَنَاْ مِنَ } أي من الجاهلين وقد جاء كذلك في قراءة ابن عباس . وابن مسعود كما نقله أبو حيان في «البحر » لكنه قال : ويظهر أن ذاك تفسير للضالين لا قراءة مريوة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأراد عليه السلام بذلك على ما روي عن قتادة أنه فعل ذلك جاهلاً به غير متعمد إياه فإنه عليه السلام إنما تعمد الوكز للتأديب فأدى إلى ما أدى ، وفي معنى ما ذكر ما روي عن ابن زيد من أن المعنى وأنا من الجاهلين بأن وكزتي تأتي على نفسه ، وقيل : المعنى فعلتها مقدماً عليها من غير مبالاة بالعواقب على أن الجهل بمعنى الإقدام من غير مبالاة كما فسر بذلك في قوله :
ألا لا يجلهن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وهذا مما يحسن على بعض الأوجه في تقرير الجواب المذكور ، قيل : إن الضلال ههنا المحبة كما فسر بذلك في قوله تعالى : { تالله إِنَّكَ لَفِى ضلالك القديم } [ يوسف : 95 ] وعنى عليه السلام أنه قتل القبطي غيرة لله تعالى حيث كان عليه السلام من المحبين له عز وجل وهو كما ترى ، ومثله ما قيل أراد من الجاهلين بالشرائع ، وفسر الضلال بذلك في قوله تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فهدى } [ الضحى : 7 ] ، وقال أبو عبيدة : من الناسين ، وفسر الضلال بالنسيان في قوله تعالى : { أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا الاخرى } [ البقرة : 282 ] وعليه قيل المراد فعلتها ناسياً حرمتها ، وقيل : ناسياً أن وكزي ذلك مما يفضي إلى القتل عادة ؛ والذي أميل إليه من بين هذه الأقوال ما روي عن قتادة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة القصص ما يتعلق بهذا المقام .
وأخرج أبو عبيد . وابن المنذر . وابن جريج عن ابن مسعود أنه قرأ { فَعَلْتُهَا وَأَنَاْ مِنَ الضالين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.