روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُۖ وَمَن يَلۡعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ نَصِيرًا} (52)

{ أولئك } القائلون المبعدون في الضلالة { الذين لَعَنَهُمُ الله } أي أبعدهم عن رحمته وطردهم ، واسم الإشارة مبتدأ والموصول خبره ، والجملة مستأنفة لبيان حالهم وإظهار مآلهم { وَمَن يَلْعَنِ } أي يبعده { الله } من رحمته { فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } أي ناصراً يمنع عنه العذاب دنيوياً كان أو أخروياً بشفاعة أو بغيرها ، وفيه بيان لحرمانهم ثمرة استنصارهم بمشركي قريش وإيماء إلى وعد المؤمنين بأنهم المنصورون حيث كانوا بضد هؤلاء فهم الذين قربهم الله تعالى ومن يقربه الله تعالى فلن تجد له خاذلاً . وفي الإتيان بكلمة لن وتوجيه الخطاب إلى كل واحد يصلح له وتوحيد النصير منكراً والتعبير عن عدمه بعدم الوجدان المؤذن بسبق الطلب مسنداً إلى المخاطب العام من الدلالة على حرمانهم الأبدي عن الظفر بما أملوا بالكلية ما لا يخفى ، وإن اعتبرت المبالغة في نصير متوجهة للنفي كما قيل ذلك في قوله سبحانه : { وَمَا رَبُّكَ بظلام } [ فصلت : 46 ] قوى أمر هذه الدلالة .

( هذا ومن باب الإشارة ) :{ أولئك الذين لَّعَنَهُمُ الله } أي أبعدهم عن معرفته وقربه { وَمَن يَلْعَنِ } أي يبعده { الله } عن ذلك { فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } [ النساء : 52 ] يهديه إلى الحق